وكذا رواه من حديث عوف الأعرابي ويونس بن عبيد، عن الحسن مرسلا. (الشرح: ٥)
٨٧٩ - عن يوسف بن سعد قال: قام رجل إلى الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية فقال: سَوّدتَ وجوهَ المؤمنين - أو: يا مسود وجوه المؤمنين - فقال: لا تؤنبني، رحمك الله؛ فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أريَ بني أمية على منبره، فساءه ذلك، فنزلت:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} يا محمد، يعني نهرًا في الجنة، ونزلت:{إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} يملكها بعدك بنو أمية يا محمد. قال القاسم: فعددنا فإذا هي ألف شهر، لا تزيد يومًا ولا تنقص يومًا. (١)
ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث القاسم بن الفضل، وهو ثقة وثقه يحيى القطان وابن مهدي. قال: وشيخه يوسف بن سعد - ويقال: يوسف بن مازن - رجل مجهول، ولا نعرف هذا الحديث، على هذا اللفظ إلا من هذا الوجه.
وقد روى هذا الحديث الحاكم في مستدركه، من طريق القاسم بن الفضل، عن يوسف بن مازن، به وقول الترمذي: إن يوسف هذا مجهول - فيه نظر؛ فإنه قد روى عنه جماعة، منهم: حماد بن سلمة، وخالد الحذاء، ويونس بن عبيد. وقال فيه يحيى بن معين: هو مشهور، وفي رواية عن ابن معين قال: هو ثقة. ورواه ابن جرير من طريق القاسم بن الفضل، عن عيسى بن مازن، كذا قال، وهذا يقتضي اضطرابًا في هذا الحديث، والله أعلم. ثم هذا الحديث على كل تقدير منكر جدًا، قال شيخنا الإمام الحافظ الحجة أبو الحجاج المزّي: هو حديث منكر.
قلت: وقول القاسم بن الفضل الحُدّاني إنه حسب مُدّة بني أمية فوجدها ألف شهر لا تزيد يومًا ولا تنقص، ليس بصحيح؛ فإنّ معاويةَ بن أبي سفيان، رضي الله عنه، استقل بالملك حين سَلّم إليه الحسن بن علي الإمرة سنةَ أربعين، واجتمعت البيعة لمعاوية، وسمي ذلك عام الجماعة، ثم استمروا فيها متتابعين بالشام وغيرها، لم تخرج عنهم إلا مدة دولة عبد الله بن الزبير في الحرمين والأهواز وبعض البلاد قريبًا من تسع سنين، لكن لم تَزُل يدهم عن الإمرة