من الليل لا يخفى فتلك ثلاث وثلاثون وربما نقص من ليلها وزاد النهار وربما نقص من النهار وزاد في الليل كما اقتضته أحاديث يطول ذكرها.
وقد أشار عياض لشيء من هذا فانظره وحكم قيام الليل وصفته يأتي إن شاء الله تعالى.
(وأفضل الليل آخره في القيام).
يعني لما ورد في ذلك من الأحاديث النبوية قولا وفعلا وذهب الشافعي إلى أن أفضل الليل وسطه لحديث «أفضل القيام قيام داود عليه السلام كان ينام نصف الليل الأول ويقوم ثلثه وينام سدسه» متفق عليه وقال مالك بآخره لحديث النزول وانتهاء وتره عليه السلام إلى السحر وهو لا يأخذ في نفسه الكريمة إلا بما هو الأفضل ولقوله عليه السلام لما سئل أي الدعاء أسمع؟ فقال:«جوف الليل الأخير وأدبار الصلوات المكتوبات» الحديث رواه أبو داود وغيره وبحسب هذا فمن آخر تنفله ووتره إلى آخره فذلك أفضل له إن لم يكن تأخيره عرضة للتفريط بالترك أو بالخروج عن الوقت غالباً وهو فقوله (إلا من الغالب عليه أن لا ينتبه فليقدم وتره مع ما يريد من النوافل أول الليل) يعني وهذا التقديم أفضل له من التأخير وقد عبر بعضهم عن هذا بقوله وأفضل ليله غالبه في القيام.
وقد كان أبو بكر رضي الله عنه يقدم وتره أول الليل مبادرة للعبادة واعتباراً بقصد الأهل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «أخذت بالعزم» وكان عمر رضي الله عنه يؤخر ثقة بسنة الله في إيقاظه وعملاً على عادته مع الله تعالى فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أخذت بالحزم» الحديث.
وقوله (ثم إن شاء إذا استيقظ) يعني من آخر الليل ومن وسطه (تنفل ما شاء منها) أي من الصلاة (مثنى مثنى) أي ركعتين ركعتين لقوله عليه السلام «صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح ولو حدثت له نية قبل نومه فله ذلك وقد تقدمت قريباً» فانظرها.
وقوله:(ولا يعيد الوتر) يعني لقوله عليه السلام «لا وتران في ليلة» وقد أشار بما ذكر لمن يقول يتنقل إذا استيقظ حتى يصلي ركعة يضيفها للتي صلى قبل نومه