فإنه هدر، وهو نص المدونة في كتاب الديات، وقيده بعضهم بما يأتي.
واختلف المذهب في الجدار المائل إذا وقع على شيء فأهلكه فقال أشهب: يضمن صاحبه سواء تقدم إليه أم لا إذا بلغ الحائط ما يجوز تركه وكذلك لو تقدم إلى السلطان في هدم حائط على حسن النظر للرعية فهو ضامن.
وأما نهي الناس وإشهادهم فليس بلازم له وقيل: إن أنكر رب الحائط ما قيل من ميل الحائط فههنا يحتاج إلى التقديم إليه، وإن أقر بأن حائطه مخوف فههنا ينفع الإشهاد عليه دون الحكم قاله بعض فقهاء القرويين وكلاهما نقله ابن يونس، ومذهب المدونة أنه لا يضمن حتى يشهد عليه.
قال ابن عبد السلام: ومعناه من القاضي ولا ينفع إشهاد غير القاضي أو من له النظر في ذلك، وإن كان ظاهر المدونة عندهم أن الإشهاد من غير القاضي كاف في ذلك، وأشار ابن شاس إلى أن هذا الكلام إنما هو مقصور على الميل الحادث في الجدار الذي بني مستقيما ولو بني مائلا فربه يضمن بالإطلاق، وفي المدونة في كتاب كراء الدور والأرضين إذا ربط دابته على باب الدار فحرنت فكسرت أو قتلت ولدرب الدار فذلك جبار كقول مالك فيمن نزل عن دابته وأوقفها بالطريق لشراء حاجته أو أوقفها لباب المسجد أو الجامع: قال أبو حفص العطار: إن كان يعلم أنها تضرب برجلها فهو ضامن كمتخذ الكلب العقور حيث لا يجوز له يضمن وإن لم يتقدم إليه، وإنما يحتاج على التقديم إذا كان في داره فأما في الطريق فهو ضامن.
(وما مات في بئر أو معدن من غير فعل أحد فهو هدر):
دليله قوله صلى الله عليه وسلم:" البئر جبار والمعدن جبار"، وقال أهل اللغة: الجبار الهدر يقال: ذهب دمه جبارا قال التادلي: ويريد الشيخ إذا حفره في موضع يجوز له وإلا فهو ضامن.
(وتنجم الدية على العاقلة في ثلاث سنين وثلثها في سنة ونصفها في سنتين):
قال ابن عبد السلام: كانت الدية في الجاهلة تحملها العاقلة فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام وكانوا يتعاقلون بالنصرة فجرى الأمر على ذلك حتى فعل عمر الديون اتفق القول بذلك.
والعاقلة هي العصبة والموالي الأعلون وبيت المال لا سيما إذا قلنا: إنه وارث