قلت: ونص الشيخ أبو الحسن القابسي على أنه يقتل وقبله عياض في الشفاء.
(وإن قتل مجنون رجلاً فالدية على عاقلته):
خرج أبو داود عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن المبتلى حتى يبرأ وعن الصبي حتى يحتلم".
قال ابن عبد السلام: وهذا الحديث قوي في الحجة لما في كتاب ابن المواز، وإن ما أصابه الجنون المطبق والصبي هدر من الدماء، والأموال، ولو قتل المجنون في حالة إفاقته فهو كالصحيح يقتص منه نص على ذلك في المدونة، ولو أشكل على البينة أقتل في حال عقله أو جنونه، فقال بعض من لقيناه: لا يلزمه شيء، وهو صواب.
وقال شيخنا أبو مهدي رحمه الله معتلا بأنه شك في المقتضى لأن الحاكم لا يحكم عليه إلا بعد أن تشهد البينة أنه قتله في حال كونه في عقله.
قال الشيخ أبو محمد في المجموعة لابن القاسم: ما جنى المجنون في حال إفاقته من حد أو قتل فلم يقم عليه حتى جن أخر لإفاقته الحد والقصاص فإن أيس من إفاقته وقد قتل كانت الدية عليه في ماله، وقال المغيرة: يسلم إلى أولياء المقتول فيقتلونه إن شاءوا.
(وعمد الصبي كالخطأ وذلك على عاقلته إن كان ثلث الدية فأكثر وإلا ففي ماله):
ما ذكر مثله في المدونة وذلك في جناياتها وإذا جنى الصبي أو المجنون عمدًا أو خطأ بسيف أو غيره فهو كله خطأ تحمله العاقلة إن بلغ الثلث وإن لم يبلغ ففي ماله يتبعه به دينًا في عدمه والحكم ما تقدم إن كان مميزا باتفاق، وأما غير المميز فقال ابن الحاجب فقيل: المال في ماله والدية على عاقلته، وقيل: المال هدر كالمجنون وقيل: كلاهما وتقدم في الغصب اعتراض ابن عبد السلام ورده بعض شيوخنا عليه.
واختلف المذهب إذا اشترك بالغ عاقل في قتل رجل مع صبي وشبهه كالمجنون على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه يجب على البالغ نصف الدية.
الثاني: القصاص بعد أن يقسم ولاة المقتول أنه من ضربه مات في الحال وبعد أن طال.
الثالث: أنه مات في الحال قتل هذا البالغ من غير قسامة كما لو انفرد ولو مات