للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تخلو من أحد أمرين: إما أن تكون كالحجارة، وإما أن تكون أشدَّ قسوة، ومنها ما هو كالحجارة (١)، ومنها ما هو أشد قسوة منها. ومن هذا قول الشاعر:

فقلتُ لهم (٢): ثنتان، لابُدَّ منهما ... صُدُورُ رِماحٍ أُشْرِعَتْ أو سَلاسِلُ

أي: لابد منهما في الجملة، ثم فَصَّل الاثنين بالرماح والسلاسل، فبعضهم له الرماح قتلاً (٣)، وبعضهم له السلاسل أسرًا، فهذا على التفصيل والتعيين، والأول على الجملة، فالأمران واقعان جملة وتفصيلهما بما (٤) بعد "أو". وقد يجوز في قوله تعالى: {أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}، أن يكون مثل "مائة ألف أو يزيدون".

وأما "أو" التي للتخيير فالأمر فيها ظاهر.

وأما "أو" التي زعَموا أنها للإباحة، نحو: "جالِسِ الحسنَ أو ابنَ سيرين"، فلم توجد الإباحة من لفظ "أو" ولا من معناها، ولا تكون "أو" قط للإباحة وإنما أخذت من لفظ الأمر الذي هو للإباحة، ويدل على هذا: أن القائلين بأنها للإباحة يلزمهم أن يقولوا: إنها للوجوب إذا دخلت بين شيئين لابد من أحدهما، نحو قولك للمكفِّر: أطعم عشرةَ مساكين أو اكسهم، فالوجوب هنا لم يؤخذ من "أو" وإنما أخذ من الأمر، فكذا جالِسِ الحسنَ أو ابنَ سيرين.


(١) "ومنها ما هو كالحجارة" سقط من (د).
(٢) كذا، والبيت في "الأغاني": (١٣/ ٤٧)، و"مغني اللبيب" رقم (٩٦) والرواية فيهما: فقالوا لنا: ثنتان .. ، وهو لجعفر بن عُلْبَة الحارثي.
(٣) سقطت من (ق).
(٤) (ق): "وتفصيلاً وهما بما".