للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ، يَعْنِي مَجْرَى الطَّعَامِ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: ١٢٠].

ــ

وفي بعض الروايات: (وعاءين من العلم) أراد الكناية عن محل العلم وجمعه فاستعار له الوعاء، كذا في (مجمع البحار) (١)، وقال الطيبي (٢): شبه نوعي العلم بالظرفين لاحتواء كل منهما ما لم يحتو به الآخر، وقال: لعل المراد بالأول علم الأحكام والأخلاق، والثاني علم الأسرار المصون عن الأغيار المختص بالعلماء باللَّه من أهل العرفان، وذلك ليس بخارج من الدين، لكنه دقيق وخارج عن فهم العوام، وقيل: أراد به أخبار الفتن وفساد الدين على يد أغيلمة من قريش، وكان يقول: لو شئت إن أسميهم بأسمائهم، أو الأحاديث التي فيها آسامي أمراء الجور وأحوالهم وذمهم، وكان أبو هريرة يكني عن بعضه ولا يصرح به خوفًا على نفسه كقوله: (أعوذ باللَّه من إمارة الستين وإمارة الصبيان) يشير إلى إمارة يزيد بن معاوية، لأنها كانت سنة ستين، واستجاب اللَّه دعاءه فمات قبلها بسنة.

أقول: إن كان مراد هذا القائل نفي علم الأسرار والحقائق التي لا يفهمه العوام ويخص بالعلماء باللَّه من أهل العرفان لدقتها وغموضها بحيث لو ذكر عند العوام أنكروها وذموا قائلها فمكابرة، إذ لا بد أن يكون لكل ظاهر باطن، ولكل شريعة حقيقة، والحقيقة هو حقيقة الشريعة لا شيء يباينها ويخالفها، وإن كان مقصوده أن حديث أبي هريرة محمول على شيء آخر من أخبار الفتن وأمراء الجور بقرينة ما يفهم بقرينة الحال كما ذكر فله وجه، واللَّه أعلم.


(١) "مجمع بحار الأنوار" (٥/ ٩٢).
(٢) "شرح الطيبي" (١/ ٤١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>