قال ـ رحمه الله ـ:(وقوله: إن المبالغة في تعظيمه ـ أي تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم ـ واجبة إن أريد به المبالغة بحسب ما يراه كل أحد تعظيمًا حتى الحج إلى قبره والسجود له والطواف به واعتقاد أنه يعلم الغيب وأنه يعطي ويمنع ويملك لمن استغاث به من دون الله الضر والنفع، وأنه يقضي حوائج السائلين، ويفرج كربات المكروبين، وأنه يشفع فيمن يشاء ويدخل الجنة من يشاء ـ فدعوى المبالغة في هذا التعظيم مبالغة في الشرك وانسلاخ من جملة الدين).
رابعًا: أقوال الإمام الشوكاني في حكم التوجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعاء والاستغاثة وبطلب النفع والضر:
قال ـ رحمه الله ـ: (فلا شك أن من اعتقد في ميت من الأموات أو حي من الأحياء أنه يضره أو ينفعه إما استقلالاً أو مع الله تعالى، أو ناداه أو توجه إليه أو استغاث به في أمر من الأمور التي لا يقدر عليها المخلوق، فلم يخلص التوحيد لله ولا أفرده بالعبادة؛ إذ الدعاء بطلب وصول الخير إليه ودفع الضر عنه هو من أنواع العبادة، ولا فرق بين أن يكون هذا المدعو من دون الله أو معه حجرًا أو شجرًا أو ملكًا أو شيطانًا كما كان يفعل ذلك الجاهلية، وبين أن يكون إنسانًا من الأحياء أو الأموات كما يفعله الآن كثير من المسلمين، وكل عالم يعلم هذا ويقربه؛ فإن العلة واحدة.
وعبادة غير الله تعالى وتشريك غيره معه يكون للحيوان كما يكون للجماد، وللحي كما يكون للميت، فمن زعم أن ثم فرقًا بين من اعتقد في وثن من الأوثان أنه يضر أو ينفع أو يقدر على ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى فقد غلط