للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة الرابعة:

هي قولهم: (إن حرية الإنسان تقوم على أنقاض حرية الله).

ومقصودهم بهذا القول: أن الإنسان لا يكون حرًا إلا إذا أنكر وجود الله، فإنه ما دام يثبت وجود الله فإنه لابد من اتباع أوامره واجتناب نواهيه. وهذا مخالف للحرية التامة، فإذا قضي على فكرة وجود الله فقد ثبتت الحرية، وإلا فلا.

الرد على هذه الشبهة:

إن دعوى الحرية التامة المطلقة ـ التي أسس عليها الوجوديون إنكار الله الخالق الرازق المحيي والمميت ـ لا وجود لها إلا في خيالهم المريض؛ إذ لو كان الإنسان حرًا حرية مطلقة لتحكم في مسيره ومجريات أحداثه، وكان عالمًا بكل ما يحيط به من أحداث، بل لكان من المتحكم والمخطط لمسيرها في الحياة، ولما كان هناك ما يقع على الإنسان غير ما يبتغيه أو يرغب فيه، بل يتمنى ألا يقع، تأكد كذب ما ترتب على دعوى الوجودية من استغناء الإنسان من خالق أوجده أو قدره. وبيان ذلك: أن الإنسان وهو بطريق الحياة تنتابه الأقدار:

١ - أحداث يقع به فيفجؤه بل يفجعه نزولها به دون أن يدور بخلده ـ قط ـ أنها ستصبه أو ستلم به، مثل النوازل والكوارث التي قد تصيب الإنسان وهو بطريق الحياة دون سابق إنذار، وما يستطيع عاقل أن يقول: إن الإنسان هو الذي وضعها بنفسه أو أنزلها بساحته بناء على حريته المطلقة.

٢ - تنوبه أحداث أخرى ما يتمناها لنفسه ـ قط ـ لكنها تقع به؛ مثل ضعف البصر، انحناء الظهر، عجز القدمين عن حمل الجسم، تجاعيد الوجه،

<<  <  ج: ص:  >  >>