للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدم العام الشامل هو الأصل الكلي.

ومن كان وجوده واجبًا بالحتمية العقلية باعتبار أنه هو الأصل، فإنه لاي مكن بحال من الأحوال أن يتصف بصفات تستلزم تستلزم أن يكون حادثاً.

أما ادعاء أصلية الوجود للكون بصفاته المتغيرة فهو ادعاء باطل، وذلك بموجب الأدلة التي تثبت أنه حادث وليس أزليًا.

إن هذا الكون يحمل دائمًا وباستمرار صفات حدوثه، تشهد بهذه الحقيقة: النظريات العقلية المستندة إلى المشاهدات الحسية، وتشهد بها البحوث العلمية المختلفة في كل مجال من مجالات المعرفة، والقوانين العملية التي توصل إليها العلماء الماديون.

وإذ قد ثبت أن هذا الكون عالم حادث، له بداية ونهاية، فلابد له حتمًا من علة تسبب له هذا الحدوث، وتخرجه من العدم إلى الوجود، وذلك؛ لاستحالة تحول العدم بنفسه إلى الوجود.

أما ما لا يحمل في ذاته صفات تدل على حدوثه مطلقًا، وتقضي الضرورة العقلية بوجوده، فوجوده هو الأصل، لذلك فهو لا يحتاج أصلاً إلى موجد يوجده، وكل تساؤل عن سبب وجوده تساؤل باطل بالحتمية العقلية، لأنه أزلي واجب الوجود، ولا يمكن أن يكون غير ذلك عقلاً، وليس حادثًا حتى يتسائل الفكر عن سبب وجوده.

وهنا نقول: لو كانت صفات الكون تقتضي أزليته لقلنا فيه أيضًا كذلك، لكن صفات الكون المشاهدة المدروسة تثبت حدوثه.

يضاف إلى هذا: أن مادة الكون الأولى عاجزة بطبيعتها عن المسيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>