للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأكِيدُهُ بِمَا يُؤَكَّدُ بِهِ الْعُمُومُ؛ فَلَا يُقَالُ: "جَاءَنِي الرَّجُلُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ" وَإذَا ثَبَتَ هذَا، كَانَ قَوْلُهُ: {كُلُّ الطَّعَامِ} [آل عمران: ٩٣] مَجَازًا؛ إِذْ لَوْ كَانَ حَقِيقَةً، لاطَّرَدَ.

===

ولا يَلْزَمُ من ترك الظَّاهِرِ لمعارض رَاجِحٍ، أو مُساوٍ في صورة - تَرْكُهُ مُطْلَقًا.

قوله: "الثالث: أنه لا يَجُوزُ تَأْكِيدُهُ بما يُؤَكَّدُ به العُمُومُ، فلا يُقَالُ: جَاءني الرَّجُلُ كلهم أَجْمَعُونَ".

والاعْتِرَاضُ: أن من الصِّيَغِ ما يكون لَفْظُهُ مُفْرَدًا، ومعناه الجمع؛ كصيغة "من"، و"كل"، وما كان كذلك، فَالعَرَبُ تَارَةً تُرَاعِي فيه اللَّفْظَ، وتَارَةً تُرَاعِي فيه المَعْنَى:

ومن ثَمَّ: جاء قوله تَعَالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيكَ} [الأنعام: ٢٥]، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيكَ} [يونس: ٤٢].

والإتباع من الأَحْكَامِ اللَّفْظِيَّةِ، فَغُلِّبَ فيه جِهَةُ اللَّفْظِ، ، وهذا هو الجَوَابُ عن بَقِيَّةِ حُجَجِ الإتباعات التي ذكرها.

قوله: "إذا ثَبَتَ هذا، كَانَ قَوْلُهُ تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ} [آل عمران: ٩٣] مجازًا" يعني: أَن "كُلًّا" تفيد تَأْكِيدَ الاسْتِغْرَاقِ، تقدمت، أو تأخرت، ، والتأكيد لتقوية المعنى، فيكون للاستغراق.

واعْتِذَارُهُ: بأنه مَجَازٌ؛ لأنه لو كَانَ حَقِيقَة لاطَّرَدَ - يرد عليه: أَنَّا لا نُسَلِّمُ وُجُوبَ اطِّرَادِ الحقائق، فقد سَمَّتِ العرب القَارُورَةَ قَارُورَةً؛ لاستقرار المَاءِ فيها، ولم تطرده، إلى غير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>