وفي رواية لأحمد وأبي داود والنسائي والحاكم عنه ﵁ قال: بينما نحن حول رسول الله ﷺ إذ ذكر الفتنة فقال: «إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم، وخفت أماناتهم وكانوا هكذا -وشبك أصابعه» قال: فقمت إليه فقلت: كيف أفعل عند ذلك، جعلني الله فداك؟ قال:«الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ بما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة» قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
قوله:«يغربل الناس فيه غربلة»، قال أبو عبيد الهروي: أي يذهب خيارهم ويبقى أراذلهم، والمغربل: المنتقى، كأنه نُقِّي بالغربال.
وقال سعيد بن منصور: حثالة الناس: رداءتهم، قال: ومعنى قوله: «قد مرجت عهودهم»: إذا لم يفوا بها.
وقال الطيبي:«مرجت عهودهم»: اختلطت وفسدت، وشبك بين أي أصابعه أي يمرج بعضهم ببعض، ويتلبس أمر دينهم فلا يعرف الأمين من الخائن، ولا البر من الفاجر.
وقوله:«وتقبلون على خاصتكم»: رخصة في ترك الأمر بالمعروف إذا كثر الأشرار وضعف الأخيار. انتهى.
وفي هذا الأخير نظر سيأتي بيانه في ذكر الأمر بالمعروف إن شاء الله تعالى.
الحديث السابع (١): عن ثوبان ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «يوشك
(١) علق الوالد ﵀ هنا بقوله: في ص٣٥٩ج٢ من المسند عن أبي هريرة ﵁ نحوه فليراجع.