للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكانت الهجرة حينئذٍ فرضاً، يجب على كل من أسلم أن يلحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مجاهداً، ومؤازراً، ومعيناً، إلا من كان له عذرٌ عذره الله -تعالى- به، قال الله

-سبحانه-: {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً. فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً} [النساء: ٩٨] .

ولا خلاف في وجوب الهجرة حينئذٍ على مَنْ كان من المسلمين بمكة،


= وورد نحوه من طريق أخرى عن ابن عباس عند الطبراني في «الكبير» (١١/٢٧٢ رقم ١١٧٠٨) ، وعن الضحاك عند ابن أبي حاتم (٣/١٠٤٦ رقم ٥٨٦٦) ، وابن جرير (٩/١٠٨ رقم ١٠٢٦٨) .
وأصح ما ورد في هذا: ما أخرجه البخاري (٤٥٩٦، ٧٠٨٥) ، والنسائي في «الكبرى» : كتاب التفسير (رقم ١٣٩) ، والطبراني في «الكبير» (١١ رقم ١١٥٠٥، ١١٥٠٦) ، و «الأوسط» (٣٥٨، ٨٦٣٨) ، وابن أبي حاتم في «التفسير» (٣ رقم ٥٨٦٢) ، وابن جرير (٩ رقم ١٠٢٦١، ١٠٢٦٢) ، وأبو الليث السمرقندي في «بحر العلوم» (١/٣٨١) ، وابن حجر في «تغليق التعليق» (٤/١٩٨) عن عبد الرحمن ابن عبد الرحمن أبي الأسود قال: قطع على أهل المدينة بَعْثٌ، فاكتتبت فيه، فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته، فنهاني عن ذلك أشد النهي، ثم قال: أخبرني ابن عباس: أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين، يكثرون سواد المشركين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يأتي السهم فيُرْمى به، فيُصيب أحدهم فيقتُلُه، أو يُضرب فيُقتل، فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: ٩٧] الآية، وهذا لفظ البخاري.
وقوله: «قطع على أهل المدينة بعث» أي: أُلزموا بإخراج جيشٍ لقتال أهل الشام في خلافة عبد الله بن الزبير على مكة.
قال ابن حجر في «الفتح» (٨/٢٦٣) : «واستنبط سعيد بن جبير من هذه الآية وجوب الهجرة من الأرض التي يعمل فيها بالمعصية» .
وانظر -غير مأمور-: «أسباب النزول» (ص ١٣١) ، «سيرة ابن هشام» (٢/٢٩٤-٢٩٥) ، «الكشف والبيان» (٣/٣٧١-٣٧٢) ، «الوسيط» للواحدي (٢/١٠٥-١٠٦) ، «تفسير القرطبي» (٥/ ٣٤٥) ، «تفسير ابن كثير» (٤/٢٢٦-٢٢٨- ط. أولاد الشيخ) ، «المعتمد من المنقول فيما أوحي إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -» (١/٣٠١) ، «المصنف الحديث في أسباب النزول» (ص ١٢٠-١٢١) ، «الصحيح المسند من أسباب النزول» (ص ٥١) .
* فائدة: نقل البغوي في «شرح السنة» (١٤/٣٩٩) -وعنه حيدر القاشي في «المعتمد من المنقول» (١/٣٠١) -: عن مالك قال: إني لأكره المقام بالبلدة التي يُعصى الله فيها علانية.

<<  <   >  >>