للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يخونهم، فأما الهرب بنفسه: فله الهرب، وإن أُدْرِكَ ليؤخذ، فله أن يدفع عن نفسه، وإن قتل الذي أدركه؛ لأنَّ طَلَبَهُ ليُؤْخذ إحداثٌ من الطالب غير الأمان، فيقتله إن شاء، ويأخذ ماله، ما لم يرجع عن طلبه» . وهذا أرجح الأقوال في ذلك، للأدلة التي قدمنا، والله أعلم.

وقول أحمد بن حنبل في لزوم حكم الأمان في ذلك ووجوب الوفاء به كقول الشافعي (١) .

وقال أبو حنيفة (٢) : «إن قتل منهم، أو أخذ مالاً أو رقيقاً فخرج بهم إلى دار

الإسلام، ثم إن أهل الحرب استأمنوا، أو صاروا ذمّة» ، قال: «ما كُنت أردُّ عليهم» . وكذلك قال في الرجل يدخل دار الحرب بأمان، فيغدر بهم ويقتل، ويأخذ من أموالهم.

وسُئل في رجلٍ مسلمٍ اشترى منه شيئاً مما أتى به من ذلك، فقال: ذلك جائز. وعند الشافعي، وابن حنبل: يردُّ ذلك كله عليهم، وقاله الأوزاعي، وهو الصحيح كما تقدم في مثله.

* مسألة:

اختلف أصحاب مذهب مالك في الحربي يأتي بغير أمانٍ، فيُعثر عليه في


(١) أي: في غير الهرب، ففي مذهب الحنابلة: ليس له أن يهرب. وانظر: «المغني» (١٣/ ١٥٢) ، «الإنصاف» (٤/٢٠٩) .
وانظر: «عيون المجالس» (٢/٧٤٣-٧٤٤) . وهذه العبارة عن أحمد في: «الأوسط» لابن المنذر (١١/٢٩١ المسألة رقم ١٩٤٨) .
(٢) انظر: «الهداية» (٢/٤٤٥) ، «شرح السير الكبير» (٤/٢٣٣) ، وهذا بناءً على أصلهم أنَّ: من أخذ مال غيره غصباً؛ صار ملكاً للذي غصبه واستولى عليه؛ لمصادفته مالاً غير معصوم، مع أن السرخسي قال في «المبسوط» (١٠/٩٦) : «وأكره للمسلم المستأمن إليهم في دينه أن يغدر بهم؛ لأن الغدر حرام ... » .
وما بعد قول أبي حنيفة إلى آخر هذه المسألة برمته في «الأوسط» لابن المنذر (١١/٢٩٢) .

<<  <   >  >>