للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تخلو من هذين الوجهين، فأمَّا مَنْ عُلِمَ، وتُحقِّق أنّه لم تبلغه دعوة الإسلام، ولا عُلِمَ ماذا يراد منه بالقتال، فلا خِلافَ (١) يُعرفُ أنه يجبُ أن يُدعَى قبلُ إلى الإسلام،

ويعلم بما يجب في ذلك، فإن امتنعوا قوتلوا حينئذٍ.

وأمّا من عُلِمَ أن الدعوة قد بلغتهم قَبْلُ، وعرفوا مايراد منهم، فهذا موضِعٌ اختلف فيه أهل العلم، فَرُوِيَ عن عمر بن عبد العزيز أنه أمرَ أن يُدعوا قبل أن يقاتلوا (٢) ، وكذلك رَوَى ابن القاسم عن مالكٍ (٣) أن يُدْعوا، ورُوي عنه -أيضاً- خلافُ ذلك (٤) .

قال ابن المنذر (٥) : «وأباح أكثر أهل العلم قتالهم قبل أن يُدعوا، قالوا: قد


(١) حكى الإجماع في هذه الحالة غير واحد، انظر: «المبسوط» (١٠/٦) ، «بداية المجتهد» (١/ ٣٨٩) ، «المعونة» (١/٦٠٤) ، «روضة الطالبين» (١٠/٢٣٩) ، «كشاف القناع» (٢/٣٦٩) ، «رحمة الأمة» (٢٩٢) .
وينبّه هنا على أمرين مهمين:
الأول: في حالة معالجة الكفار، فإنهم يقاتلون في هذه الحالة من غير دعوة، لضرورة الدفاع، أفاده غير واحد، انظر: «المدونة» (٢/٢) ، «المعونة» (١/٦٠٤) ، «الذخيرة» (٣/٤٠٣) ، «زاد المعاد» (٢/٣٦٩) .
الآخر: ذكر الشوكاني في «النيل» (٧/٢٣١) ، والصنعاني في «سبل السلام» (٤/٨٩) أن دعوة الكفار قبل القتال لا تجب مطلقاً، ذكراه على أنه قول، ولم يعزياه لأحد، وقال النووي عنه في «شرح صحيح مسلم» (١١/٢٨٠) : «إنه باطل» .
(٢) انظر: «البيان والتحصيل» (٣/٨٣) ، «النوادر والزيادات» (٣/٤١) .
(٣) كما في «المدونة» (١/٤٩٦) .
وانظر: «البيان والتحصيل» (٣/٨٣) ، «النوادر والزيادات» (٣/٤١) ، «المعونة» (١/٦٠٤) ، «جامع الأمهات» (٢٤٤) ، «عقد الجواهر» (١/٤٦٨) ، «الذخيرة» (٣/٤٠٢) ، «حاشية الدسوقي» (٢/ ١٧٦) ، وغيرها.
(٤) يمكن أن يقال: إنهم فرقوا بين من يُطمع في استجابته فتجب دعوته، ومن لا يُطمع في استجابته فلا تجب دعوته، انظر: «أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله» (١/٣٤١) .
(٥) لعله في «الأوسط» في القسم المفقود منه، أو في القطعة المفقودة من كتابه: «الإشراف» .

<<  <   >  >>