إفراز التطور الثقافي الغربي لأناس يفقدون (نجمهم) الذي فوقهم، ويحيون حياة تافهة، ذات بعد واحد، لا يعرف الواحد منهم شيئًا خارج نطاقه، وبعبارة (ماكس قيبر)(١٩٢٠ - ١٩٦٤ م): (لقد أصبح هناك أخصائيون لا روح لهم، وعلماء لا قلوب لهم).
ولأن الاهتمام الإنساني بالدين لم يتلاشَ، بل تزايد ... وفي ظل انحسار المسيحية، انفتح باب أوروبا لضروب من الروحانيات، وخليط من العقائد الدينية التي لا علاقة لها بالمسيحية -ولا بالكنيسة- من التنجيم، إلى عبادة القوى الخفية والخارقة، والاعتقاد بالأشباح، وطقوس الهنود الحمر، وروحانيات الديانات الآسيوية، والإِسلام، الذي أخذ يحقق نجاحًا متزايدًا في المجتمعات الغربية.
لقد أزالت العلمانيةُ السيادةَ الثقافية للمسيحية عن أوروبا ... ثم عجزت عن تحقيق سيادة دينها العلماني على الإنسان الأوروبي، عندما أصبح مَعْبدها العلمي عتيقًا! ... ففقد الناس (النجم) الذي كانوا به يهتدون: (وعد الخلاص المسيحي) ... ثم (وعد الخلاص العلماني)! " (١).
وعلى صعيدٍ آخَرَ؛ فقد سعت الإدارة الأمريكية إلى التنسيق مع طوائفَ من غلاة الطرق والفرق لمواجهة الخطاب السلفي
(١) مأزق المسيحية والعلمانية في أوروبا، شهادة ألمانية، جوتفرايد كونزلن، (ص ٢٥ - ٢٦)، ط: القاهرة (١٩٩٩ م).