للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن حبان بعد أن أخرجه: أراد: لا تعمل بعد الغضب شيئا مما نهيت عنه لا أنه نهاه عن شئ جُبِلَ عليه ولا حيلة له فى دفعه، وقال بعض العلماء: خلق اللَّه الغضب من النار، وجعله غريزة فى الإِنسان، فمهما قصد أو نوزع فى غرض ما اشتعلت نار الغضب وثارت حتى يحمر الوجه والعينان من الدم، لأن البشرة تحكى لون ما وراءها، وهذا إذا غضب على من دونه واستشعر القدرة عليه، وإن كان ممن فوقه تولد منه انقباض الدم من ظاهر الجلد إلى جوف القلب فيصفر اللون حزنا، وإن كان على النظير تردد الدم بين انقباض وانبساط فيحمر ويصفر، ويترتب على الغضب تغير الظاهر والباطن كتغير اللون، والرعدة فى الأطراف، وخروج الأفعال عن غير ترتيب، واستحالة الخلقة حتى لو رأى الغضبان نفسه فى حال غضبه لسكن غضبه حياء من قبح صورته، واستحالة خلقته، هذا كله فى الظاهر، وأما الباطن فقبحه أشد من الظاهر لأنه يولد الحقد فى القلب، والحسد، وإضمار السوء على اختلاف أنواعه، بل أول شئ يقبح منه باطنه، وتغير ظاهره ثمرة تغير باطنه، وهذا كله أثره فى الجسد، وأما أثره فى اللسان فانطلاقه بالشتم والفحش الذى يستحى منه العاقل ويندم قائله عند سكون الغضب، ويظهر أثر الغضب أيضا فى الفعل بالضرب أو القتل، وإن فات ذلك بهرب المغضوب عليه رجع إلى نفسه فيمزق ثوب نفسه ويلطم خده، وربما سقط صريعا، وربما أغمى عليه، وربما كسر الآنية، وضرب من

<<  <  ج: ص:  >  >>