حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم.
ولما كان هذا المقصود إنما يتم مع الصوم، شرع الاعتكاف في أفضل أيام الصوم وهو العشر الأخير من رمضان، ولم ينقل عن النبي ﷺ أنه اعتكف مفطرا قط، بل قد قالت عائشة:(لا اعتكاف إلا بصوم).
ولم يذكر الله سبحانه الاعتكاف إلا مع الصوم، ولا فعله رسول الله ﷺ إلا مع الصوم. فالقول الراجح في الدليل الذي عليه جمهور السلف: أن الصوم شرط في الاعتكاف، وهو الذي كان يرجحه شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية.
وكان ﷺ يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ﷿، وتركه مرة، فقضاه في شوال. واعتكف مرة في العشر الأول، ثم الأوسط، ثم العشر الأخير يلتمس ليلة القدر، ثم تبين له أنها في العشر الأخير، فداوم على اعتكافه حتى لحق بربه ﷿.
وكان يأمر بخباء فيضرب له في المسجد يخلو فيه بربه ﷿ … تحصيلا لمقصود الاعتكاف وروحه، عكس ما يفعله الجهال من اتخاذ المعتكف موضع عشرة ومجلبة للزائرين، وأخذهم بأطراف الأحاديث بينهم، فهذا لون والاعتكاف النبوي لون.