ولو شهد شاهد أنه سرق ثوبًا قيمته ربع دينار، وآخران [أن] قيمته سدس دينار- لم يثبت القطع، ويثبت السدس، وهل له أن يحلف مع الشاهد بالزيادة، ليثبتها؟ فيه وجهان في ((الحاوي)) في باب الشهادة على الحد، وحكاهما الإمام عن صاحب ((التقريب)) في آخر باب الشهادة على الوصية:
أحدهما: نعم، كما لو شهد له شاهد بألف، وآخر بألفين.
والثاني: لا، لأنه لا تعارض [ثم]، والتعارض هاهنا حاصل.
قلت: وهذا الخلاف مفرع على أن القيمة تثبت بالشهادة والمرأتين، والشاهد واليمين، كما حكاه الزبيلي عن أبي إسحاق المروزي، ورجحه.
أما إذا قلنا: إنها لا تثبت بالشاهد والمرأتين، والشاهد واليمين- كما حكاه أيضًا عن ابن هريرة- فلا حلف جزما.
ثم أعلم أن الأصحاب اختلفوا في قيمة العين، هل هي وصف قائم بها، أو هي ما ينتهي إلى رغبات الراغبين؟ والأظهر: الثاني.
قال ابن أبي الدم: وهذا الخلاف يقرب بعض القرب من الخلاف في أن الملاحة هل هي [صفة قائمة] بالذات، وجنس يعرف بنفسه، أو هي مختلفة باختلاف ميل الطباع؟
فروع:
أحدها: إذا شهد شاهد أنه غصب منه هذه العين، وشهد آخر أنه أقر بالغصب، أو شهد أحدهما أنها ملك للمدعي، والآخر أن المدعى عليه أقر له بالملك، أو شهد أحدهما أنه طلق زوجته، والآخر أنه أقر بطلاقها، أو أحدهما أنه قبل عقد نكاح فلانة، والآخر أنه أقر بقبول نكاحها- لم يلفق بين الشهادتين.
وضابط ذلك: أن يشهد أحدهما بعقد أو إنشاء، والآخر بإقرار، وإنما يلفق إذا اتفقا على ذكر عقد أو إقرار.
وفي ((النهاية)) في كتاب الإقرار في الصورة الثانية حكاية وجه: أنها تلفق، وهو بعيد، وإن صح فيظهر طرده في مسألة الغصب.