قال: فإن حلف المسروق منه مع الشاهد، أي: الذي وقعت شهادته موافقة لدعواه، أو بالحق في زعمه- قضي له، أي: بالغرم، لأنه ثبت بالشاهد واليمين.
[ثم ظاهر كلام الشيخ يقتضي أنه لا فرق في استحقاقه الغرم باليمين مع الشاهد] في هذه الصورة بين أن يكون الشاهدان قد أطلقا السرقة، أو أضافاها إلى وقت واحد، فقال أحدهما: أشهد أنه سرق له كبشًا أبيض مع طلوع الشمس في يوم كذا، وقال الآخر: أشهد أنه سرق له كبسًا أسود مع طلوع الشمس من ذلك اليوم. وهو قول الشيخ أبي حامد، لأن الماوردي جزم القول بذلك في حالة إطلاق الشهادتين، وقال: لأن الغرم يثبت بالشاهد واليمين، ولا تعارض، لأنه يجوز أن يكون قد سرق منه كبشين بالصفتين.
وحكى في حالة إضافة السرقتين إلى وقت واحد وجهين في استحقاق الغرم، بناء على [أن] التعارض يقع بين شاهد وشاهد في الصورة التي ذكرناها، كما يقع فيما لو شهد [على] كل سرقة اثنان، أو لا يقع، لأنه إنما يكون في البينة الكاملة، وبالشاهد الواحد لا تكمل البينة؟ وفيه اختلاف بين الأصحاب:
فإن قلنا بالثاني، وهو قول الشيخ أبي حامد، والذي ادعى أبو الطيب الإجماع عليه- ثبت له الغرم عند حلفه.
وإن قلنا بمقابله: فلا، لأن الشهادة سقطت، فصار كما لو لم تكن له بينة.
قلت: وقد يستشهد بهذا الاختلاف بالقولين المذكورين فيما إذا شهد شاهد أنه قتل فلانًا بالسيف، وشهد آخر أنه قتله بالعصا- هل يكون ذلك لوثا أم لا؟ فإن لم يجعل ذلك لوثًا، جعل شهادة أحدهما معارضة للأخرى، فأسقطهما، ومن جعله لوثا، لم يثبت المعارضة.
قال الماوردي: والوجهان يجريان فيما لو شهد شاهد: أنه سرق منه كيسا أبيض في أول النهار، وشهد آخر أنه سرق ذلك الكيس في آخر النهار، فإن قلنا بالتعارض [صار] كما لو لم تقم له بينة، وإن قلنا بقول أبي حامد، حلف