يتخلص من القذف بثبوت الزنى، فدل على أن الزنى لا يثبت بأقل من أربعة، ويؤيده ما روى مسلم عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم:((لو وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال: نعم)).
ولأن الزنى واللواط لما كانا من أغلظ الفواحش المحظورة وأضرها، كانت الشهادة فيهما أغلظ، ليكون أستر للمحارم، وأنفى للمعرة، وإنما لم تسمع فيهما شهادة النسوة، لأن سماع شهادتين رخصة فيما خف، فلم يجز أن تسمع في مواضع التغليظ.
وأما في إتيان البهيمة، فلأنه إثبات وطء هو فاحشة، أو إتيان فرج في فرج يوجب الغسل، فأشبه وطء القبل، وهذا ظاهر النص.
وقيل: إن قلنا: إن الواجب في إتيان البهيمة التعزيز، قبل فيه شاهدان، لخروجه عن حكم الزنى في الحد، فخرج عن حكمه في الشهادة، وهذا قول المزني وابن خيران، وحكاه الماوردي قولًا، وقد قال بمثله المراوزة في اللواط، بناء على إيجاب التعزيز فيه.
قال: وليس بشيء، لأن نقصان العقوبة لا يدل على نقصان الشهادة: كزنى الأمة.
والقولان جاريان- كما قال الماودري- في باب حد الزنى في الشهادة على إتيان المرأة فيما دون الفرج، وكلام القاضي الحسين يقتضي أنه لا خلاف في ذلك، لأنه حكى أن ابن خيران قال في إتيان البهيمة: يثبت بشاهدين كالمفاخذة والقبلة. [وفرق بأن ذلك من جنس إيلاج الفرج في الفرج، بخلاف المفاخذة والقبلة].
ولا فرق عندنا في شهود الزنى بين أن يشهدوا مجتمعين أو مفترقين، ولا بين أن يشهدوا به عن قرب عهد به أو [عن بعد] عهد.
قال: وإن شهد ثلاثة بالزنى، وجب على الشهود حد القذف في أحد القولين، لما روي أن المغيرة بن شعبة كان أميرًا على البصرة من قبل عمر، وكان مناكحًا، فخلا بامرأة في دار كان ينزلها، وينزل معه فيها أبو بكرة، وناقع، ونفيع، وزياد بن أمية، وكان جميعهم من ثقيف، فهبت ريح، ففتحت الباب على المغيرة،