جارية، فإنه يحكم لمدعيها بالولد الحاصل منها في يد الغاصب.
قال الإمام: ولأن الولد في دعواه جزء من الجارية، وبه يثبت الاستيلاد، فإذا اختص بالجارية على صفة أمية الولد تعدى الاختصاص إلى الولد، وهذا ما اختاره المزني، كما قاله القضاة: أبو الطيب والحسين والماوردي، والبندنيجي والفوراني وابن الصباغ، وغيرهم، وأنه استشهد له بأن الشافعي نص على أن الشخص إذا ادعى عبدًا في يد غيره يسترقه: أنه كان عبده، وأنه أعتقه، وغصبه صاحب اليد بعد حريته، وأقام بما ادعاه من الملك والعتق شاهدًا وامرأتين، أو شاهدًا وحلف معه- أنه يقضي له وإن كان مقصود الدعوى استحقاق الولاء، لأنه تابع لدعوى رق وعتق، كذا دعوى الولد، لأنه تابع لرق أمه، فإنه جزء منها.
واختلف الأصحاب في مسالة الاستشهاد على طريقين:
إحداهما- وبها قال ابن سريج-: أن فيها أيضًا قولين، [وما ذكره الشافعي تفريع على أحد القولين].
والثانية- وبها قال أبو إسحاق، وجمهور أصحابنا، كما قال الماوردي، ولم يحك القاضي الحسين والبغوي والروياني سواها-: أن المسألة على قول واحد، كما قاله المزني، [لكن] الفرق بينهما وبين ولد أم الولد: أن العبد المدعى هناك مدعيه يدعي ملكًا متقدمًا في العبد، وحجته تصلح لإثبات الملك، وإذا ثبت الملك ترتب عليه العتق بإقراره، وفي صورة الاستيلاد إنما قامت الحجة على ملك الأم، لا جرم رتبنا العتق عليه إذا جاء وقته بإقراره، وأما الولد فقضية الدعوة والحجة كونه حر الأصل نسيبًا، والحرية النسب لا يثبتان بهذه الحجة، فلذلك افترقا.
نعم، لو أن المدعي في مسألة الاستيلاد قال لصاحب اليد: استولدتها في ملكك، ثم اشتريتها مع الولد، فيعتق الولد علي، وأقام عليه حجة ناقصة فالعتق الآن يترتب على الملك الذي قامت به الحجة الناقصة، فيكون على الطريقين: