للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويخرج لنا من هذا: أنا وإن قلنا: [إن] المال موجبه، فلسنا ننكر كون القصاص مقصودًا.

وفي ((الإنابة) في باب الشهادة بالجناية: أنه لو أقام شاهدًا واحدًا على القتل عمدًا، ولم نجعله لوثًا، ورام أن يحلف معه يمينًا واحدًا، ويستحق الدية، تفريعًا على قولنا: إن اليمين لا تتعدد في مثل هذه الصورة، فإن قلنا: موجب العمد القود فقط، فليس له أن يحلف مع الشاهد الواحد، وإن [قلنا]: موجب العمد أحد الأمرين، فهل يستحق الدية؟ فعلى قولين، بناء على أن من ادعى موضحة، وأقام شاهدًا واحدًا، وحلف معه- فهل يستحق الأرش؟ فعلى قولين.

وهذا الخلاف هو الذي حكينا في باب [اليمين في] الدعاوي: أن الإمام وعد بذكره في باب الشهادة على الجناية، وقال: إنه مطرد فيما إذا أقام شاهدًا وامرأتين، وهو ظاهر، لأنه إذا جرى في الشاهد واليمين، فجريانه في الشاهد والمرأتين أولى، لأن هذه الحجة أقوى من تلك بالاتفاق.

والغزالي في ((الوجيز)) أطلق القول فيما إذا أقام على العميد رجلا وامرأتين بأن المال يثبت وإن لم تثبت العقوبة، وهذا منه محمول على ترجيحه القول بأن الواجب في قتل العمد أحد الأمرين، كما ذكرنا أنه الجديد، وترجيح أحد القولين اللذين حكاهما الفوراني، وأشار إليهما إمامه.

والرافعي قال: إنه غلط ولا محمل له إلا السهو، فإن الذي نص عليه الأصحاب: أن الدية لا تثبت، والله أعلم.

قال: وإن شهد في السرقة شاهد وامرأتان، لم يثبت القطع، ويثبت المال، لأن في السرقة حقين:

أحدهما: للآدمي، وهو المال.

والثاني: لله تعالى، وهو القطع.

والأموال تستحق بشاهد وامرأتين، والحد لا يجب إلا بشاهدين كما تقدم، وليس الغرم هاهنا بدلًا من القطع، بدليل اجتماعهما، بخلاف الدية مع القود، كما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>