فقيل: لأنا لو أجبرنا لأقرعنا، والقرعة ربما تعين الشقص الذي يلي دار زيد لعمرو، وبالعكس؛ فلا يتمكن واحد منهما من الانتفاع بما صار له، وهذه علة من منع الإجبار على القسمة عند عدم الإقراع.
وقيل: لأنه لا يتأتى فيه فصل محقق؛ لأن ذلك إتلاف، وغايته رسم خط بين الشقصين ومع ذلك فإذا بنى أحدهما على ما صار له تعدي الثقل والتحامل إلى الشق الآخر؛ فيكون منتفعاً بنصيب شريكه.
وضعف الإمام هذه العلة بأن هذه القسمة جائزة بالتراضي؛ كما سنذكره؛ وذلك يدل على أن رسم الخط كاف في القسمة والمفاصلة.
وعن صاحب "التقريب" وجه: أنه يجاب الطالب، ويجبر الممتنع، لكن [لا] يقرع، بل يخص كل واحد بما يليه، ولا خلاف في جواز هذه القسمة بالتراضي، لكن كيف يقسم؟ فيه وجهان حكاهما الرافعي:
أحدهما: يعلم بعلامة، وبخط يرسم.
والثاني: يشق، وينشر بالمنشار.
قال القاضي الحسين وغيره، ولو طلبا من الحاكم القسمة بهذا النوع، لم يجبهما إلى [ذلك؛ كما] ذكره العراقيون؛ لأن شق الجدار في الطول إتلاف له وتضييع، ولكنهما يباشران القسمة بأنفسهما إن شاءا؛ كما لو هدماه، واقتسما النقض.
[فإن قلت]: لم [لا] خرج جواز القسمة في هذه الحالة على أن القسمة بيع أو إفراز، فإن قلنا: إنها بيع، فينبغي ألا تصح؛ لن بيع ما تنقص قيمته بقطعه لا يجوز؟
قلت: الجواب عنه من وجهين:
أحدهما: أن الأصحاب قالوا ثم: إن المانع من صحة البيع عدم القدرة على التسليم، إلا بتنقيص غير المبيع، ولا شيء غير المبيع تنقصه هذه القسمة هنا.
الثاني: أن القسمة إنما تقع بعد التمييز بالسبق ونحوه، فلم تكن القسمة إذا وقعت مقتضية للتنقيص.