للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فوقه من الهواء، فإذا أعطى هذا سفلاً لا هواء له، وهذا علواً لا سفل له- فقد أعطي كل واحد منهما على غير أصل ما يملك الناس؛ أي: ووضع القسمة التمييز.

ولأن العلو والسفل بمنزلة الدارين، وقد تقدم أنه لا يجبر على قسمتهما بحيث ينفرد كل واحد منهما بدار؛ فكذلك هنا.

ولأن العلو تبع للسفل؛ بدليل أنه إذا بيع له السفل والعلو تثبت الشفعة فيهما، وإذا بيع العلو وحده، لم تثبت فيه، وفي هذه الصورة جعل التابع متبوعاً، وذلك يجوز.

نعم، لو تراضيا على هذه القسمة جاز، ولو طلب أحدهما أن يقسم العلو والسفل نصفين، وكان ينقسم، أجبر الآخر؛ لأن البناء في الأرض بمنزلة الغراس فيها.

ولو طلب أن يقسم العلو في دفعة، والسفل في دفعة أخرى- فلا يجبر الآخر، لأنه ربما خرج لأحدهما بالإقراع من السفل النصيب الذي حصل على حصة صاحبه من العلو؛ [فالمشاركة] واختلاط الأيدي بعد باقية، والقصد من القسمة إزالة ذلك.

نعم، لو رضيا بذلك جاز؛ قاله أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما.

ومن هاهنا يظهر لك أن أحدهما لو طلب قسمة العلو، وبقاء السفل مشتركاً- لا يجبر الآخر عليه؛ لاحتمال أن يطلب أحدهما قسمة السفل بعد ذلك؛ فيقع المحذور المذكور.

[وعلى هذه الحالة يحمل قول الروياني في "البحر" وغيره في دليل مسألة الكتاب]: ألا ترى أنه لو كان بينهما غرفة، فطلب أحدهما القسمة، لم يجبر الآخر عليها؟

وفي "الرافعي": أنه لو طلب أحدهما قسمة السفل، وترك العلو على الإشاعة، لم يجبر الآخر؛ لما ذكرناه من العلة.

والروياني في "البحر" ذكر الحكم، ولم يعلله.

قلت: ولو قيل في هذه الصورة بالإجبار لم يبعد، ونقول: إذا طلب أحدهما بعد ذلك قسمة العلو يقسم- يعني: بلا] قرعة- ويجعل لكل واحد منهما النصيب الذي هو علو ما حصل له من السفل؛ كما نقول فيما إذا أجبرنا على قسمة

<<  <  ج: ص:  >  >>