وقال آخرون: أشار إلى أجرة القسمة، لأن القسمة لا تمنع لحق الصغير إذا أجبرنا الكبير؛ لأن الصغر لا يمنع الحقوق؛ فيكون في لزوم الأجرة له وجهان:
أحدهما: يلزمه الحاكم قسطه منها مع عدم حظه.
والثاني: يقول الحاكم للطالب: إن أردت القسمة التزم المؤنة. وهذا ما أجاب به في "العدة"، وقال الفوراني: إنه أصح القولين. وإلى ذلك أشار في "البحر" بقوله: إن هذا اختيار أكثر أصحابنا بخراسان، وإلا فالإمام قال بعد حكايته عن رواية صاحب "التقريب"، والقاضي: إنه ضعيف، لا أصل له، وإن من العاملين به من طرده وإن لم يكن في القسمة ضرر على الطفل، وطلب من وليه القسمة، وهذا في نهاية الضعف.
قلت: وهذا راجع إلى الوجه المحكي عن ابن القطان.
قال: وإن طلب القسمة أحد الشريكين، وامتنع الآخر، نظر:
فإن لم يكن على واحد منهما ضرر: كالحبوب، والأدهان، والثياب الغليظة- أي: التي لا تنقص قيمتها بالقطع- والأراضي، والدور- أجبر الممتنع؛ لأن الطالب يطلب الانتفاع بماله على الكمال، والخلاص من سوء المشاركة، فأجيب إليه؛ لإمكانه من غير إضرار بشريكه؛ كما لو اختلط له درهم بعشرة دراهم؛ كذا قاله أبو الطيب.
وهذه القسمة تسمى: قسمة الإفراز والإجبار، وتتناول كل متساوي الأجزاء؛ حتى قال القاضي الحسين: إنها تجري في اللبن المسبوك في قالب واحد، بخلاف ما لو تفاوتت أشكاله لتفاوت القوالب؛ فإنه يكون كالعرض.
ولا فرق فيها بين أن يتساوى الشريكان في الملك، أو تختلف حصتهما.
وعن ابن كج حكاية وجه عن ابن [أبي] هريرة: أنه لا إجبار عند تفاوت الأنصباء؛ لأنه لا يمكن أن يدفع إلى صاحب السدس الجزء الثاني، ولا الجزء الخامس، وإنما يحسن الإجبار إذا استوى الشريكان في احتمال أخذ كل واحد من الأجزاء.