فرع الأصل، وفي التزكية هما شاهدان على الأصل، وعلى هذا ينطبق قول البندنيجي وغيره: إذا رجع أصحاب مسائله، فإن عدلاه حكم، وإن جرحاه وقف. ولم يفصلوا، وجزم في "المهذب" على قول الإصطخري بأنه يكفي أن يخبر الشاهدين من أصحاب المسائل واحد إذا وقع في نفوسهما صدقه، وهو مأخوذ مما في "الحاوي"؛ لأنه قال: ولا يشترط على هذا في المسئولين العدد؛ بل المعتبر أن يقع في نفوس أصحاب المسائل صدق المخبر فيما ذكره من تعديل أو جرح؛ فربما وقع في نفسه صدق الواحد، فجاز أن يقتصر عليه، وربما ارتاب في الاثنين، فيلزمه أن يشترط.
قال مجلي: وهذا فيه بعد؛ إذ كيف [يثبت التعديل] والجرح بقول واحد، وعلى هذا ينطبق قول القاضي أبي الطيب: إنه لا خلاف في اشتراط العدد في التزكية. وعلى [هذا] رأي أبي إسحاق: لا يشترط العدد في الإخبار.
قال القاضي أبو الطيب: ومحل الخلاف بين الإصطخري وأبي إسحاق في أصل المسألة إذا كان الحاكم قد بعث أصحاب المسائل إلى أقوام معينين يسألونهم عنهم، فلو فوض إليهم السؤال عنهم من غير أن يعين المسئولين فلابد من اثنين من أصحاب المسائل يشهدان [عند الحاكم] بما ثبت عندهما من الجرح أو التعديل بقول اثنين من المسئولين، وتكون شهادة أنفسهم، وتبعه ابن الصباغ [في ذلك].
وقال القاضي: إن هذا مما لا خلاف فيه بين أصحابنا، وكذا محله إذا لم يكن الحاكم قد نصب واحداً منهم حاكماً في الجرح والتعديل، أما إذا كان قد نصبه لذلك جاز، وعليه أن يراجع من رآه أهلاً للمراجعة في التزكية والجرح، ويصغي [إلى الشهادة] في هذا المقتضي، ويحكم بعد بذل الوسع في الاحتياط.
ولا يجوز [أن] يحكم في التزكية باجتهاده؛ لأن ذلك يرجع إلى رد شهادة