إن اجتمعت أو افترقت؛ فإن لكل واحدة منهن حكماً في غير هذه القضية، وإن لزم اعتبارها جميعاً في هذه [القضية].
وهذا من الماوردي صريح في إيجاب البحث على هذه الصفة، وعليه ينطبق قول الفوراني: يشترط أن يذكر المال والمشهود له و [المشهود] عليه إذا استزكى الشهود؛ لأن ذلك يختلف. وكذلك قول الإمام، لكنه قال بعد قوله:"أما المدعي فلا بد من إعلامه": وأما المدعى عليه فقد يدرك [المزكي بينه وبين الشهود] عداوة أو لدداً في خصومة يوجب مثلها رد الشهادة، فإن لم يقع التعرض لما ذكرناه فالتعديل في الشهود يثبت، ولكن يبقى على القاضي نظر فيما وراء التعديل.
قال: ولا يعلم بعضهم بعضاً؛ خشية من التواطؤ.
قال: وأقلهم اثنان، وقيل: يجوز واحد.
هذا الخلاف ينبني على أن الجرح والتعديل يقع بقول أصحاب المسائل أو بقول المسئولين من الأصدقاء والجيران، وفيه خلاف بين الأصحاب:
فالذي ذهب إليه الإصطخري والأكثرون كما قاله الماوردي، والبندنيجي، وصححه القاضي أبو الطيب وغيره- الأول، وهو ظاهر النص في "المختصر"؛ فإنه قال: ولا يقبل المسألة عنه ولا تعديله ولا جرحه إلا من اثنين؛ فعلى هذا: يكون أقلهم اثنان؛ لأن الجرح والتعديل لا يثبت بدونهما.
وقال أبو إسحاق المروزي بالثاني؛ لأن أصحاب المسائل يخبرون عن غيرهم فهم شهود فرع، وشاهد الفرع لا تقبل شهادته مع حضور الأصل وارتفاع العذر؛ فيكون أصحاب المسائل مخبرين للقاضي بمن يزكي أو يجرح، فعلى هذا يكتفي بالواحد كما في سائر الأخبار، ويعتبر في المسئولين العدد؛ لأن الجرح والتعديل يقع بقولهم وشهادتهم عند القاضي، وعليه حمل النص.
ومن قال بالأول قال العذر ثابت ها هنا؛ فإنه لا يجب على المعدل [أو الجارح] أن يحضر عند الحاكم لتزكية من يسأل عنه أو جرحه، وليس على الحاكم- أيضاً-