واعلم أن ما قطع [هنا] أولا من اليد أو الرجل لا يتوقف قطع العضو الآخر على برئه ولا على حسمه بالنار؛ لأنه حد واحد. نعم، لو خاف على نفسه من القطع الأول إن لم يحسم قبل القطع الثاني فيحسم الأول ثم يقطع الثاني.
والحسم هل هو حق لله تعالى أو للمقطوع؟ فيه الخلاف السابق في السرقة، صرح به الماوردي [والقاضي الحسين].
قال: وإن أخذ دون النصاب [لم يقطع]؛ لأنه قطع يجب بأخذ المال، فاعتبر فيه النصاب كما في السرقة، وهذا ما نص عليه في "المختصر".
فعلى هذا يعزر تعزيز من لم يأخذ كما تقدم.
وقيل: فيه قول مخرج: أنه يقطع، أي: مما إذا قتل في المحاربة من لا يكافئه، وهذا قول ابن خيران.
قال ابن الصباغ وأيده بأن قال: الحرز غير معتبر في هذا القطع؛ فكذلك النصاب.
قال الماوردي: ووجدت لابن أبي هريرة كلاما يدل عليه – أيضا – وأنه يقطع في قليله وكثيره، كما كان [الاستخفاء بأخذه غير معتبر في الحرابة، وإن كان] معتبرا في السرقة.
قال: وليس بشيء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"القطع في ربع دينار فصاعدا"، ولم يفصل.
وأما الحرز فهو معتبر على الصحيح كما ذكرنا، والفرق بين ما نحن فيه والكفارة من وجهين، كما حكاهما مجلي عن الشيخ أبي حامد:
أحدهما: أن القطع المستحق في السرقة والمحاربة جميعا لله – تعالى – فلا يختلف المستحق به، كالزنى لما كان حده لله – تعالى – لم يختلف الأمر فيه بين أن يزني بحرة أو أمة، وفي القتل: المستحق في [المحاربة الله تعالى والولي، وفي] غير المحاربة: الولي؛ فجاز أن يختلف المستحق به كما اختلف المستحق.