ثم لا فرق [فيما ذكرناه] بين أن يكون النصاب [المأخوذ] لواحد أو لجماعة الرفقة إذا كان في حرز واحد، كما لا فرق بين أن يكون لواحد [أو جماعة] في السرقة.
تنبيه: ظاهر كلام الشيخ يقتضي أمورا:
أحدها: عدم اعتبار الحرز حيث اعتبر النصاب، وانتفاء الشبهة [في] الآخذ، وكونه ممن يقطع في السرقة، وسكت عن ذكر الحرز، وهو وجه حكاه الماوردي عند انفراد الآخذ عن القتل، ووجهه بأن الإحراز لا يؤثر مع القاهر الغالب، ووجهه القاضي الحسين بأنه في قطع الطريق تفاحشت جنايته فغلظ عليه.
والمشهور – وبه جزم البندنيجي وأبو الطيب وابن الصباغ والمصنف في "المهذب"-: اعتباره حتى لو أخذ مال من انفرد عن القافلة، أو أخذ من الجمال المقطرة، وقد ترك صاحبها تعهدها، ونحو ذلك – لا قطع عليه؛ لأنه قطع يتعلق بأخذ المال، فشرط فيه الحرز كقطع السرقة.
الثاني: أن الآخذ إذا كان له في المال شبهة لا يقطع.
وفي "تعليق" القاضي الحسين أن الابن إذا أخذ مال أبيه هل تقطع يده ورجله؟ فعلى قولين:
أحدهما: يرعى [فيه معنى السرقة فلا يقطع، والآخر يقطع؛ لأنه محض حق الله تعالى، وهذا] الخلاف له التفات على ما إذا قتل من لا يقاد به في المحاربة.
الثالث: أن الذمي يقطع في المحاربة؛ لأنه يقطع في السرقة، وكذا المعاهد على أحد القولين. وقد صرح الأصحاب بعدم قطعهما، وهو خارج – أيضا – من كلام الشيخ؛ لأن الذمي والمعاهد بالحرابة انتقض عهده وصار من أهل الحرب، والحربي لا يقطع في السرقة، فلا يقطع هاهنا، وحينئذ فيكون المراد بمن يقطع في السرقة المسلم أو المرتد البالغ العاقل المختار، رجلا كان أو امرأة.