الملك إلى غير مالك لا يمكن، والميت لا يملك ابتداء، وغير الميت لم يملك؛ فكان الأجنبي معيرا للكفن إعارة لا رجوع فيها كالإعارة للدفن، ويرجع إليه وإلى بيت المال بعد بلى الميت، وهذا أصح في "الكافي"؛ حيث قال: يرد إليه بعد بلى الميت على الأصح.
ولو كان الميت عبدا، وقد كفنه السيد، فالملك في الكفن للسيد، أو لا يملكه أحد؟ فيه وجهان في "تعليق" البندنيجي وغيره، قال: ولا يجيء فيه أنه على حكم ملكه.
قال الرافعي: لأن العبد لا يملك إلا بتمليك السيد على القول القديم، والسيد لم يملكه. ثم قال: ولمنازع أن ينازع فيه، ويجعل التكفين تمليكا، كما جعل تكفين الأجنبي تمليكا على رأي، وحكم بأن الكفن ملك للميت.
قلت: ويجيء هذا – أيضا – على قولنا: إن العبد لا] يملك بتمليك [السيد؛ لأن هذا التمليك جرى بعد الموت، وبالموت زال الرق عنه، فصار كالحر المعسر؛ كما أشار إليه الغزالي في كفارة اليمين، والله أعلم.
واعلم أن ما ذكرناه، في الكفن المشروع وهو خمسة أبواب؛ كما قاله أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما. وقال القاضي الحسين: إنه ثلاثة، فأما إذا كفن في الزائد على المشروع، [فالزائد] ليس بمحرز، وقيل: يقطع سارقه، وقد أجرى هذا الوجه فيما إذا وضع في القبر مضربة أو وسادة للميت، ويجري في سرقة التابوت الذي دفن فيه الميت، وعن بعضهم إجراؤه فيما إذا دفن معه [دراهم أو دنانير.
وعن "الرقم" للعبادي: أن القاضي الحسين حكى عن القفال وجوب القطع فيما إذا دفن معه] مال تبعد المهم والأوهام عن دفنه فيه، ومحل ذلك إذا لم يكن القبر في بيت محرز، أما إذا كان، وجب القطع جزما؛ كما قاله الإمام، وإن كان ذلك المالك متعرضا للبلى.
والطيب الزائد على ما يستحب تطييب الميت به، كسائر الأموال؛ فلا قطع فيه