قال: ومن سرق من غير حرز، لم يقطع؛ لما روى أبو داود عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الثمر المعلق، فقال:"من أصاب منه من ذي حاجة غير [متخذ خبنة]، فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثله والعقوبة، ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين، فبلغ ثمن المجن فعليه القطع". قال الترمذي: وهو حسن. وقد خرجه النسائي.
وقال في آخر عن هشام بن سعد عن عمرو بهذا الإسناد:"وليس في شيء من الماشية قطع، إلا فيما إذا آواه المراح فبلغ ثمن المجن، ففيه قطع اليد، وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثله وجلدات نكال".
وجه الدليل: أنه – عليه السلام – فرق بين ما آواه الجرين وما لم يؤوه، وبين ما أواه المراح وما لم يؤوه، وليس بين الحالين فرق إلا اعتبار الحرز، ولأن الأصل عدم القطع؛ فمن ادعى وجوبه [في هذه الحالة] فعليه البيان.
وأبدى الإمام معنى اعتبار الحرز، [فقال]: السارق يأخذ المال في خفية باحتراز واحتيال، لا اعتمادا على الشوكة والقوة، فحكم بالقطع زجرا؛ كي لا يضيع المال على المالك، وذلك إذا احتاط المالك بصيانة المال؛ فإن السارق حينئذ يكون على خطر من أن يطلع [عليه] وتعظم جنايته إذا اختزل منتهزا للفرصة، أما إذا ضيع المالك المال، فقد جرأ السارق ومكنه من أخذه بلا