قال: وقيل: يمكن؛ لأن المسلم يعتقد تعظيمه، والكافر بخلافه، وهذا ما اختاره صاحب "المرشد" والنووي، واستدل له بربط النبي صلى الله عليه وسلم ثمامة بن أثال في المسجد؛ فإنه لا يخلو عن احتلام، وغسله إن اتفق في كفره [لم يعتد] به.
قال: ويجعل الإمام على كل طائفة منهم رجلا، أي: من المسلمين؛ كما ذكره الرافعي والماوردي، يكتب أسماءهم وحلاهم – أي: بكسر الحاء – فيتعرض [لنسبه] ولونه وسنه وغيرها، ويصف وجهه ولحيته وجبهته وحاجبيه وعينيه [وشفتيه] وأسنانه، وآثار وجهه إن كانت.
قال: ويستوفي عليهم ما يؤخذون به، أي: كبلوغ بعض أولادهم، وإفاقة مجنونهم، وعتق عبيدهم، وحضور غائبهم، ويسار فقيرهم.
ووجهة ذلك: اعتبار المصلحة الظاهرة، وكذا يستوفي لهم هذا الرجل ما يتعلق بحقوقهم، فيكتب اسم من مات منهم، أو أسلم، أو جن، أو افتقر، أو زمن ونحوه؛ ليسقط عنه الجزية، ولا يجوز أن يكون الرجل ذميا؛ لأنه لا يعتمد خبره. نعم، لو جعل الذمي عريفا عليهم لتجهيزهم لأداء الجزية، وشكوا إليه من يتعدى عليهم من المسلمين، ومن يتعدى منهم – جاز، صرح به الماوردي وغيره.
وقال الماوردي في "الأحكام" في باب الفيء: إنه يجوز نصب الذمي لأخذ الجزية منهم والعشر، وهل يجوز نصبه لأخذ الخراج المضروب على رقاب الأرضين إذا صارت في أيدي المسلمين وصارت معاملته معهم؟ فيه وجهان.
قال: وعلى الإمام حفظ من كان منهم في دار الإسلام، ودفع من قصدهم بالأذية، أي: من مسلم وكافر، واستنقاذ من أسر منهم، أي: أو أخذ من أموالهم؛ لأنهم بذلوا الجزية لحفظ أنفسهم وأموالهم، والتزمنا ذلك بالعقد معهم؛ فوجب