للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقطع بعدم الضمان إذا لم يمكن، ثم قال: ولا يبعد على قول من يمنع مِنْ ذبح ما سوى الغنم أن يمنع من ذبح الغنم التي يمكن سوقها.

أما الذبح لغير الأكل كما إذا احتاج بعض الغزاة إلى جلد جمل أو بقرة؛ ليَقُدَّ منه سيورا، أو يعمل منه دَرَقة وما أشبهه - فلا يجوز له الذبح لأجل ذلك؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذبح الحيوان لا لمأكلةٍ، فإن خالف وذبح فهل يضمن اللحم أم لا؟ فيه وجهان في "تعليق" أبي الطيب وغيره.

وأما الجلد فيجب رده إلى المغنم، فإن قد منه مراده، ضمن ولزمه رده وأجرة مثله في تلك المدة، وما نقص من أجرة الجلد بالاستعمال، نص على ذلك الشافعي - رضي الله عنه - قال القاضي أبو الطيب: وهذا بمنزلة ما قال الشافعي في كتاب الغصب: إذا غصب رجل ثوباً ولبسه وأخلقه، ما الذي يجب عليه؟ فيه قولان:

أحدهما: رده وأجرة مثله في تلك المدة وما نقص من قيمته باللبس.

تنبيه: ظاهر كلام الشيخ يقتضي أمرين:

أحدهما: أنه لا فرق في إباحة الطعام والعلف بين أن يكون الآكل والعالف محتاجاً إلى ذلك، أو لم يكن محتاجاً إليه؛ لكون ما معه قدر حاجته من ماله، كما أن له أخذ الماء المباح وإن كان معه، وهو الظاهر من المذهب. نعم، يشترط ألا يأخذ إلا قدر ما يكفيه في الحال، أو فيما بين يديه لقطع المسافة كما قاله في "التهذيب"، وقد يستدل له بما ذكرناه من حديث عبد الله بن مغفل.

وعن [ابن] أبي هريرة: أنه لا يجوز إذا لم يكن [به] حاجة، كما لا يجوز [للمضطر] أكل طعام الغير إلا للحاجة.

قال الماوردي: وهو خطأ؛ لوجهين:

أحدهما: أن المضطر لا يباح له إلا عند خوف التلف، وقد أباح هاهنا وإن لم يخف التلف.

والثاني: أن المضطر ضامن، وهذا غير ضامن، وأيضاً فإنه غير مقتصر فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>