وروي أن سلمنا الفارسي جاء إلى مولاه سويد في نفر من المسلمين يوم المدائن، فقال: يا سويد، عندك ما نأكل؟ فقال: ما عندي شيء ولكني خرجت في آثار المشركين، فوجدت سلة مخيطة لا أدري ما فيها، ففتحت فإذا فيها خبز وجبنة، وسكرة، فجعل سلمان يلقي إليهم من الخبز ويقطع من الجبنة بالسكين، ويلقي إليهم يأكلون.
والمعنى فيه: أن الحاجة تدعو إليه؛ فإن الطعام يعز في دار الحرب، وقد يفسد إلى أن ينقل، أو يتعذر نقله، أو تزداد مؤنة نقله على ثمنه؛ فجعله الشرع لأجل ذلك على الإباحة.
ثم ظاهر كلام الشيخ يقتضي أن جميع الطعام مباح أكله لهمن ويدل عليه قوله: وتعلف منه الدواب. [والذي] أطبق [عليه الأصحاب: أن المباح] الطعام المحتاج إليه عادة كالقوت وأدمه من زيت أو شيرج وسمن ولحم وجبن؛ للحديث، وفي الفواكه وجهان في "النهاية".
قال الإمام: ويمكن أن يفصل بين ما يتسارع إليه الفساد ويشق نقله وبين غيره.
وفي "الوسيط" في إباحة الفواكه الرطبة وجهان، وهو يفهم الجزم بالمنع في غيرها، والجمهور جوزوا البسط في الكل، ولم يذكروا خلافاً، وألحقوا بذلك الحلوى.
وأما ما لا يحتاج إلى أكله عادة، بل للتداوي، ففي إباحته ثلاثة أوجه في "الحاوي":
أحدها: أنه ممنوع منه إلا بقيمته، وبحسب على [من أخذه] من سهمه،