فقال المسلمون: يا رسول الله، هل لنا من أجر أو علينا من وزر في ذلك؟ فنزلت. وقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم النخيل بخيبر وبالطائف، وهي آخر غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم كُفِيَ فيها القتال.
قال: وتخريب ديارهم؛ لقوله تعالى:{يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ}[الحشر: ٢] وبالقياس على قطع النخيل.
قال: فإن غلب على ظنه أنه يحصل لهم، فالأولى ألا يفعل ذلك؛ حفظاً لها على المسلمين، وهذا ما روي عن الشيخ أبي حامد.
وقيل: يحرم؛ نظراً لهذه العلة، وهو ما أورده القاضي الحسين، وحمل ما جرى منه – عليه السلام – على حالة غلبة الظن بعدم بقائها للمسلمين.
وقد حكى الوجهين جميعاً في "المهذب"، ومحلهما: إذا دخل مُغِيراًن أما إذا فتحها وأمن أهلها فلا يجوز قطعها جزماً، وكذلك التخريب.
وفي "الحاوي": أن محل الجواز إذا كان القطع والتخريب يضعفهم وينفعنا، وكذا لو كان لا ينفعنا، لكن مع كراهة، ولو كنا نعلم أنا لا نصل إليهم إلا بالقطع والتخريب وجب، وإن فقد ذلك كله فهو محظور؛ لان [ذلك] مغنم.
قال: ولا يجوز قتل البهائم؛ لما روي الشافعي – رضي الله عنه – بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قَتَلَ عُصْفُوراً [فَمَا فَوْقَهَا] بِغَيْرِ حَقِّهَا، سَأَلَهُ اللهُ – تَعَالَى- عَنْ ذَلِكَ، قِيلَ: وَمَا حَقُّهَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: أَنْ يَذْبَحَهَا فَيَاكُلَهَا، وَلاَ يَقْطَعَ [رَاسَهَا] فَيَرْمِيَ بِهَا".
وقد نهى [النبي] – عليه السلام – عن ذبح الحيوان إلا لمأكلة، ولأنها ذات روح لها حرمة؛ فلم يجز إتلافها غيظاً للمشركين، كما في النساء والصبيان.
ولا فرق في ذلك بين ألا يقع في أيدينا، أو يقع ويخشى أن ينزع، أو تعذر سوقها ونقلها إلى دار الإسلام، كما ذكره أبو الطيب وغيره، وهذا بخلاف ما ليس بحيوان؛ فإنا إذا تعذر علينا حمله أو خشينا أخذه أتلفناه.