قال الأصحاب: ولأن عمل السحر محرم، ولا شيء مباح [يشبهه]، على أن ذلك لا ينضبط، ويختلف تأثيره. وقد ادّعى المحاملي والبندنيجي نفي الخلاف في ذلك بين الأصحاب، ولم أر تصريحاً بخلافه، لكن في كلام القاضي الحسين ما يقتضي أن له أن يقتله بالسحر؛ فإنه قال: كل آلة يجب بها القود يستوفي القود بجنسها، إلا في مسألتين: إذا لاطَ به، وإذا أوجره خمراً. على أن ما ادّعاه الأصحاب لا يخلو عن احتمال؛ من حيث إنا إذا قلنا: تعلم السحر ليس بحرام، ففعله – إذا لم يكن فيه سجود لصنم، ولا ما شابهه أو قاربه – إنما حرمناه؛ لما فيه من الإضرار بالغير، وإذا كان كذلك فهو كالقطع والضرب، [والضرب والقطع] إذا أفضى إلى الموت جاز أن يقتص من فاعله بجنسه؛ فكان القياس أن يكون السحر كذلك.
فإن قيل: إن أثر السحر لا ينضبط؛ فيُقال لقائل هذا: هلاَّ خرجته على الخلاف في الجائفة وتسليط السبع والحية على القاتل. نعم، قد يُقال: معرفة كون السحر يقتل لا يهتدي إليها غير فاعله؛ ولذلك قلنا: لا يتصور وجوب القصاص به إلا بالإقرار، وإذا كان كذلك فلم يظهر كونه فعلاً صالحاً للقتل – غالباً – فلا يسلط به عليه؛ لما فيه من الخلو عن الفائدة، بخلاف الجائفة ونحوها؛ فإن كل أحد يعرف أن ذلك يوصل إلى إزهاق الروح غالباً، فلم يخلُ الإتيان به عن الفائدة، والله أعلم.
قال: وإن قتل باللواط أو سقى الخمر فقد قيل: يقتل بالسيف؛ لان ما قتل به محرم الفعل؛ فلم يجز أن يفعل به مثله، وتعين له السيف؛ كما في القتل بالسحر، وهذا هو الأصح.