للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي جزم به الغزالي والقاضي الحسين، وادعى الرافعي أنه المشهور: أنه غير مستحق حتى يجوز لولي المقتول أن يقتله عقيب القطع.

وفي "التتمة": أنه إذا أراد قتله قبل مضي تلك المدة؛ فإن اندمل الجرحُ، أو ظهرت أمارات الاندمال، فله ذلك. وإن كانت الجراحة متألمة، ولم تظهر أمارة البرء – فليس له ذلك.

قال: وإن قطع يد رجل من الذراع، أو أجافه، فمات – ففيه قولان:

أحدهما: يُقتل، أي: بالسيف، ولا يفعل به مثل ذلك؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} والمثلية لا تتحقق في [مثل] هذه الحالة؛ بدليل عدم إيجاب القصاص في ذلك عند الاندمال؛ فتعين المصير إلى القتل بالسيف، وهذا ما صححه في "التهذيب".

قلت: ولو قيل على هذا القول: إن له قطع اليد من الكوع في مسالة قطع الذراع؛ كما كان له ذلك لو لم يسر الجرح – لم يبعد.

قال: والثاني: يُجْرح كما جرح؛ تحقيقاً للمماثلة في طريق الإزهاق؛ كما في الحالة الأولى وما قبلها، ويخالف حالة اندمال الجراحة؛ لأن المقصود ثَمَّ ليس إزهاق الروح، وقد يكون في هذا الفعل – بسبب الزيادة على المستحق – إزهاقها، وهاهنا المقصود إزهاقها؛ فلا اثر لتفاوت يتفق في ذلك؛ ألا ترى أنه لو ضربه بمثقل، فلم يمت، لا يجب القصاص فيه، ولو مات منه، وجب القصاص فيه، وضرب بمثله؟

وقد بنى المتولي القولين في الجائفة على الخلاف الذي ذكرناه فيما ذا قطع يده فمات في أن قطع اليد في هذه الحالة لكونه مقصودة في نفسها، أو لكونها طريقاً في الاستيفاء؟ فعلى الأول: يتعين السيف، وعلى الثاني: يُجيفه.

قال: فإن مات، وألا قتل؛ لأنه لا يمكن أن يفعل به مثل ذلك مرة أخرى، وإزهاق الروح مستحق؛ فتعين له هذا الطريق، وهذا القول أصح عند الشيخ أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>