قال: فإن بدر واحد فقتله، أو قطعه، أي: من غير قرعة ولا عفو من الأول- فقد استوفى حقه؛ لأن حق كلِّ من الأولياء قد تعلق بذلك المحل؛ بدليل ما لو عفا ولي المقتول أو المقطوع أولاً، أو من خرجت له القرعة؛ فإن ذلك ينتقل إلى من بعده؛ فإذا استوفاه فقد استوفى حقه من محله، لكنه يعزر؛ لما في ذلك من إبطال حق الغير.
وشبه القاضي أبو الطيب ذلك بما إذا تقدم رجلان إلى ماءٍ ليستقياه، وأحدهما سبق الآخر – فإن الثاني لو أزاح الأول عنه واستقى، كان قد أخذ حقه، ويكون متعدياً؛ لأن السابق أحق.
قال: وجبت الدية للباقية؛ لتعذر القصاص عليهم بغير اختيارهم؛ فكان كالموت.
وحكى القاضي الحسين في "التعليق" وجهاً ضعيفاً: ان المبادر يغرم للأول دية قتيله، ويأخذ من تركة الجاني دية قتيل نفسه.
وفي "التتمة" وجه: انه تلزمه الدية، ويختص بها ولي المقتول الأول؛ لأنه كان مقدماً عليه؛ فإذا فوت الحق عليه غرم له؛ كالعبد المرتهن إذا جنى، ثم جاء المرتهن فقتله، يغرم الأرش لحق المجني عليه.
والفرق بين هذه العبارة [والأولى]: أن الأولى توجب دية المقتول أولاً، والثانية توجب دية القاتل للمقتول، وذلك يظهر عند اختلاف الديات بسبب الأنوثة والدين.
قال المتولي: ولا يجيء هذا الوجه فيما إذا خرجت القرعة لواحد، فقتله غيره؛ لأن القرعة لا توجب زيادة قوة، وإنما صرنا إليها؛ لقطع المنازعة، بخلاف السبق.
فرع: إذا تمالأ على القاتل أولياء القتلاء، وقتلوه جميعاً – فقد حكى المراوزة في المسألة ثلاثة أوجه:
أصحهما: أنه يقع عن جميعهم موزعاً عليهم، ويرجع كل منهم إلى ما يقتضيه