يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة:٢٢٨] أي: من حمل وحيض؛ كما قاله أهل التفسير، ومن حرم عليه كتمان شيء وجب [قبول] قوله إذا أظهره، أصله: الشهادة؛ فإن كتمانها حرام بقوله تعالى:{وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ}[البقرة: ٢٨٣] الآية، وإذا أخبر الشاهد بما عنده قبل قوله.
ولأن للحمل أمارات تظهر وأمارات تخفى، وهي عوارض تجدها الحامل من نفسها، وتختص بمعرفتها، وهذا النوع يتعذر إقامة البينة عليه؛ فقُبِل قولها فيها؛ كالحيض، وهذا ما ادعى القاضي أبو الطيب أنه المذهب، والمنصوص عليه – يعني: في "الأم" – كما حكاه ابن الصباغ، وهو الذي عليه أكثر الأصحاب.
فعلى هذا تحبس، فإن ظهر استمر إلى وقت إمكان [استيفاء القصاص]، وإن لم يظهر في زمن ظهور مخايله استوفى على الأظهر من الاحتمالين عند الإمام؛ فإن انتظار انقضاء مدة الحمل بعيد.
قال الإمام: والقائل بهذا القول ليت شعري ما مذهبه إذا استوجبت المرأة القصاص، ثم وطئت، الوطء على الإعلاق، ولو اعترف السيد بالوطء، ترتب عليه لحوق نسب المولود الذي يأتي به.
وأعرض الغزالي عن ذلك، وقال على هذا القول: لا يجوز استيفاء القصاص من امرأة يغشاها زوجها.
قال الرافعي: وهذا إن كان المراد به إذا ادعت الحمل [فظاهر، وإن أراد أنه يمتنع الاستيفاء بمجرد المخالطة والوطء من غير دعواها الحمل، فهو ممنوع؛] لأن الأصل عدم الحمل؛ فجاز أن يقال: إنما يعدل عن الأصل بشهادة تستند على الأمارات الخفية.
قال: وقيل: لا يقبل حتى تقيم بينة بالحمل، أي: وللولي قتلها قبل ذلك؛ لان حقه واجب على الفور، والحمل يحتمل وجوده، ويحتمل عدمه، مع أنه الأصل، وهي متهمة في الإخبار؛ فلا يترك المحقق بالوهم، وهذا قول أبي سعيد الإصطخري، وصححه في "الوجيز".
وقال الماوردي والقاضي أبو الطيب: إنه خطأ، كما ذكرناه.