أحدهما: أن الصحابة إذا اختلفوا في شيء – فالأخذ بقول الطائفة التي فيها الإمام أولى.
[و] الثاني: أن الأخذ بقول الأكثر أولى؛ لأن القصاص شرع لأحد معنيين؛ إما لتشفي الغيظ، ودرك الثأر، أو للردع والزجر، وكلاهما نطق به القرآن العزيز: فالتشفي في قوله تعالى: {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً}[الإسراء: ٣٣] والزجر في قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة: ١٧٩] وأيهما كان يوجب قتل الجماعة بالواحد؛ إذ التشفي لا يحصل بقتل واحد منهم وقد اشتركوا في إزهاق روحه وإيصال الألم إلى قلوب الأولياء؛ وكذلك [الزجر]؛ وهذا هو الجديد.
وقد حكى القاضي الحسين، والإمام، عن القديم أن الجماعة لا تقتل بالواحد، بل لولي الدم أن يختار واحداً منهم، ويقتله قودّا؛ كمذهب مالك، رضي الله عنه.
ثم على الجديد قد اختلف الأصحاب في كيفية استحقاق قتلهم:
فمذهب العامة؛ كما حكاه القاضي الحسين والإمام: أنه استحق [على] كل منهم [روحه؛ إذ الروح لا تتجزأ، ولا تتبعض، ولو استحق بعض روحه لم يقتل بحال.
وقال الحليمي: استحق على كل منهم؛] إذا كانوا عشرة – مثلاً – عشر روحه؛ بدليل: أنه لو آل الأمر إلى الدية – لم يجب عليه إلا العشر، وفي الحقيقة كل واحد منهم استوفى عشر روح المقتول؛ فاستحق عليه عشر روحه، غير أن الروح لا تتجزأ؛ فلا يمكن استيفاء المستحق إلا بغيره؛ فاستوفى لتعذره؛ كما نص الشافعي – رحمه الله-[على] أنه إذا جبر عظمه بعظم بخس، والتحم عليه الجلد واللحم، وخاف التلف – أنه ينزع.
وقد أبطل الإمام استشهاده بالدية بقتل الرجل المرأة؛ فإن دمه مستحق بجميعها، وإن كان الأمر [إذا] آل إلى المال لم يجب إلا نصف الدية.