وحكم قطع الأكلة والحُبَيْبة حكم قطع السلعة – فيما ذكرناه – صرح به الإمام وأبو الطيب وابن الصباغ في باب حد الخمر، ولا خلاف في أن الأجنبي لا يجوز له قطع ذلك من الصبي والمجنون بغير إذن وليه.
نعم، في حال عدم الولي يشبه أن يكون الحكم كما في الختان، وحيث لا يجوز له فإذا فعله أطلق الجمهور أن عليه القصاص عند هلاكه.
وفي "تعليق" القاضي الحسين – في الموضع المذكور – تخريج قول في عدم إيجاب القصاص، إذا قطع اليد المتآكلة من غير إذن؛ فسرت إلى النفس؛ لأنه نص هاهنا على إيجاب القود، وقال في الخراج: إذا قطع يده من الكوع، ثم جاء آخر، وقطعها من المرفق، فمات – فعليهما القودز
قال القفال: احتمل أن يجعل حكم الألم باقياً، فتكون المسألة على قولين:
أحدهما: على القاطع هاهنا القود.
والثاني: لا، وعليه نصف الدية؛ لأنه مات عقيب ألمين: أحدهما: مضمون، والآخر: غير مضمون.
قال: والصحيح الفرق؛ لأن ألم الأكلة من جهة الله – تعالى- وليس لآدمي فيه صنع، فجعل الفعل والقتل كله منسوباً إلى هذا المتعدي، ونظيره مريض مذفف؛ بحيث يعلم أنه يموت غداً، فقتله رجل؛ فعليه القود، أو كمال الدية، وأما هناك مات عقيب جنايتين غير موحيتين ولا مذففتين.
قال:"وإن اشترك جماعة في قتل واحد قتلوا به"؛ أي: إذا كان فعل كل واحد منهم، لو انفرد لقتل، كما ذكره المحاملي، وغيره؛ لقوله تعالى:{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً}[الإسراء: ٣٣] والسلطان هو القصاص بلا خلاف، ولقوله صلى الله عليه وسلم:" [ثم] ثُمَّ أَنْتُمْ يَا خُزَاعَةُ، قَدْ قَتَلْتُمْ هَذَا الْقَتِيلَ مِنْ هُذَيْلٍ، وَأَنَا – وَاللهِ – عَاقِلُةُ، فَمَنْ قَتَلَ بَعْدَ هَذَا اليَومِ قَتِيلاً فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرتَيْنِ: إِنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا،