للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرناه من علة قول الوجوب ثم، وهو أن نهشة ذلك تشق الجلد؛ فكانت شبيهة بالجراحة، وذلك مفقود هنا.

ثم على المشهور لو ادعى المكره [أن السم لا يقتل غالباً، وقال الولي بل هو مما يقتل، ولا بينة – فالقول قول] المكره، فإن كان ثم بينة عمل بها، وأثرها في جانب المكره إذا أقامها: سقوط اليمين عنه.

قال:"وإن خلط السم بطعام"؛ أي: له [أو] لغيره، "وأطعم رجلاً"، أي: له تمييز، "أو خلطه بطعام لرجل"، أي: والطعام لا يكسر حدة السم، "فأكله فمات [منه] – ففيه قولان".

وجه المنع – وهو الذي قال الإمام: إنه الأقيس، وصححه النووي في المسألتين – أنه فعل ما هلك به باختياره، من غير إلجاء حسي ولا شرعي.

ووجه الوجوب – وهو الراجح عند الروياني وغيره في الأولى، واختاره في "المرشد" – ما روى أبو داود في حديث طويل عن أبي سلمة- وهو ابن عبد الرحمن بن عوف – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَهْدَتْ لَهُ يَهُودِيَّةٌ بِخَيْبَرَ شَاةً مَصْلِيَّةً، وَقَدْ سَمَّتْهَا، فَأَكَلَ مِنْهَا وَأَكَلَ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِهِ؛ فَمَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ: مَا حَمَلَكِ عَلَى الَّذِي صَنَعْتِ؟ قُلْتُ: إِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَنْ يَضُرَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا اسْتَرَحْنَا [مِنْهُ]؛ فَأَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقُتِلَتْ"، ولأنه تغرير يفضي إلى الهلاك غالباً فأشبه الإكراه.

فإن قيل: هذا الخبر قال أهل الحديث: إنه مرسل، والشافعي لا يرى الاحتجاج به، وعلى تقدير اتصاله – كما خرجه البيهقي عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي هريرة، فقد روى أبو داود، عن أنس بن مالك، انه قيل

<<  <  ج: ص:  >  >>