للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ويظهر مجيء وجه آخر: أنه لا قود عليه إذا لم يرجع من شهد معه؛ لأن الأصحاب قالوا: فيما إذا شهد أربعة بالزنى فرجم، ثم رجعوا، وقال أحدهم: تعمدت قتله بالشهادة، وتعمد أصحابي؛ فقالوا: بل أخطأنا – مع وجوب القود عليه – وجهان:

وجه المنع: أن أصحابه أعرف بأنفسهم منه؛ فهو شريك خاطئ، وهذا الوجه الذي أردت مجيئه في مسألة الكتاب؛ لأن رفقته يزعمون أنهم على حق، فهو أولى من اعترافهم بالخطأ، وقد حكوا في مسألة الزنى أن الراجع لو قال: تعمدت، ولا أدري حال أصحابي، وقالوا هم: تعمدنا – ففي وجوب القود عليه – وجهين حكاهما القاضي الحسين في كتاب حد الزنى، والمنقول [في "المختصر" في كتاب حد الزنى] في مسألة الكتاب ما ذكره الشيخ، وعليه اقتصر في "الكافي"، والقاضي الحسين وأبو الطيب [والبندنيجي].

وهكذا الحكم فيما لو شهد على رجل مع غيره بما يوجب القطع، فقطع، ثم رجع – فعليه القطع، وإن سرى إلى النفس فالقصاص فيها. ولا فرق في ذلك على المذهب – كما حكاه المتولي، [وكذا صاحب "الكافي" في باب حد الزنى، والقاضي الحسين والبغوي في باب الرجوع عن الشهادة] – بين ألا يرجع سوى الشاهد، أو يرجع معه الحاكم والولي ويقولا: تعمدنا.

وفي هذه الصورة وجه حكاه أبو يعقوب الأبيوردي: أن القصاص يجب على الولي خاصة، وبه جزم في "الوسيط" [هنا]؛ لأن الشهود في هذه الحالة لم يلجئوه حسًّا ولا شرعاً؛ فصار قولهم شرطاً محضاً كالإمساك، وعلى هذا: الدية – أيضاً – على الولي، [وعلى الأول: على] الجميع، [قال في "الكافي": على الشهود ثلثها، [وعلى القاضي ثلثها]، وعلى الولي ثلثها.

وقد حكى الإمام وغيره الوجهين – أيضاً – في باب الرجوع عن الشهادة،

<<  <  ج: ص:  >  >>