فرع: لو كان الجلاد يعتقد أن الحر لا يقتل بالعبد، والإمام يعتقد جوازه؛ فأمره الإمام بقتله، ولم يكرهه- فهل يجب عليه القصاص؟ فيه وجهان حكاهما الإمام عن العراقيين في باب: حد الخمر، [وهما في "الحاوي"]، والمذكور منهما في "الشامل" و"تعليق" القاضي أبي الطيب ثم: الوجوب، [والذي حكاه القاضي الحسين في كتاب الحدود: أنه لا ضمان على الجلاد؛ لأن الشافعي قال في القسامة: لو قالك اقتل، فقتل – [وجب] القود على الإمام، وعلى المأمور التعزير، وهذا ما حكاه الماوردي في باب: الشهادة بالجناية، أما إذا أكره الإمام الجلاد، قال الماوردي: فلا ضمان على واحد منهما].
ثم حكى الإمام عنهم فيما لو كان [الإمام لا يرى قتل الحر بالعبد، والجلاد يراه، فأمره بقتله من غير فحص عن الحال، ولو كان] قد فحص لم يأمره به – فعلى القول بعدم الوجوب في الصورة الأولى يجب هاهنا، وعلى القول بالوجوب فيها لا يجب هنا؛ تعويلاً على عقده، وقد وجد الأمر من الإمام على الجملة، وضعفه، [وفي "الحاوي": أنه لا ضمان على الجلاد، سواء كان مكرهاً أو غير مكره؛ لأنه استوفى بإذن مطاع ما يراه مسوغاً في الاجتهاد، فأما الإمام – فإن لم يكره الجلاد- فلا ضمان عليه، وإن أكرهه، وهو عالم بالحال ضمن؛ لأنه ألجأه إلى ما لا يسوغ في اجتهاده].
قال:"وإن أمسك رجلاً حتى قتله آخر وجب القود على القاتل"؛ لما تقدم من الأدلة، ولا يجب على الممسك؛ لقوله تعالى:{فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة: ١٩٤]، وقوله تعالى:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}[النحل: ١٢٦]؛ فلو وجب عليه القصاص لكنا [قد] فعلنا به غير ما فعل؛ ولقوله -عليه السلام- "إِذَا أَمْسَكَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ، حَتَّى جَاءَ آخَرُ وَقَتَلَهُ – يُحْبَسُ المُمْسِكُ، وَيُقْتَلُ القَاتِلُ"، خرجه الدارقطني. وروى أبو عبيد