للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "وإن أمر السلطان رجلاً بقتل رجل بغير حق، والمأمور لا يعلم – وجب القود على السلطان"؛ لأنه ألجأه إليه شرعاً بأمره إياه بالقتل؛ لكون طاعته إما مستحبة أو واجبة؛ لقوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩]، وإذا كان كذلك وجب عليه القود، كالمكره؛ [و] لأن السلطان لا يقتل بيده في العادة، بل يأمر به غيره؛ فأشبه ما لو قتله بيده، وهذا معنى قول الشافعي:"وكذلك قتل الأئمة"، ولا يجب على المأمور – والحالة هذه – قود ولا دية ولا كفارة، ولا يأثم؛ لأنه معذور؛ فإن الظاهر أن الإمام إنما يأمر بحق، لكن الأولى له أن يكفر، وهذا بخلاف ما لو أمره متغلب باللصوصية بقتل رجل بغير حق، ولم يعلم به المأمور فقتله فإنه يجب عليه القود؛ كما صرح به الماوردي، والقاضي أبو الطيب؛ لأن الظاهر أنه لا يأمر بحق.

وحكم أمر إمام أهل البغي حكم أمر إمام أهل العدل فيما ذكرناه، صرح به أبو الطيب وغيره.

قال:"وإن علمن وجب القود على المأمور"؛ لأنه لا تجوز طاعته في معصية الله تعالى؛ قال صلى الله عليه وسلم:"مَنْ أَمَرَكُمْ مِنَ الْولاةِ بِغَيْرِ طَاعَةِ اللهِ فَلا تُطِيعُوهُ" كذا رواه الشافعي، [وروى البخاري ومسلم وغيرهما، عن علي – كرم الله وجهه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ" ورويا وغيرهما عن عبد الله – وهو ابن عمر – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ"]، وعن أبي بكر – رضي الله عنه – أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>