ووجه الوجوب: أن إكراهه هو الذي ولد هذا الخطأ، وهذا الوجه هو الذي رأى صاحب "التهذيب" الجواب به إذا لم نوجب الدية على المكره، ونزلناه منزلة الآلة، وقد طرد الإمام الوجه فيما لو أكرهه أن يرمي إلى طللٍ عهده المكره إنساناًن وظنه الرامي جرثومة أو صيداً، أو على أن يرمي إلى ستر وراءه إنسان عرفه المكره دون الرامي؛ كما حكاه القاضي الحسين عن المذهب، وأبدى تخريج الوجهين احتمالاً لنفسه من خلاف سبق في الوكالة فيما إذا اقتص الوكيل بعد عفو الولي، وهو جاهل بالعفو – فإن الدية هل تجب أم لا؟ فيه قولان: فإن قلنا: تجب، [فهل] في مال الوكيل [أو لا؟] فيه وجهان. قال: فإن قلنا: تجب في مال الوكيل، فهاهنا يجب القود على المكره، ومال صاحب التهذيب إلى القطع بالوجوب هاهنا.
ولو انعكس الحال، فكان المكره مراهقاً، والقاتل بالغاً – فلا ضمان على المكره، وفي المكره القولان: إن جعلنا عمد الصبي عمداً [وجب القصاص]، وإن جعلناه خطأ فلا قصاص؛ لأنه شريك خاطئ.
الثاني: في قول الشيخ:"وإن أكره رجلاً على قتله وجب عليه القود ... " إلى آخر المسألة، ما يعرفك أن صورة المسألة إذا كان الإكراه على قتل رجل غير المكرِه والمكرَه، أما إذا كان المكرَه على قتله هو المكرَه؛ بأن قال: إن لم تقتل نفسك وإلا قتلتك، فلا يجب على المكره شيء، جزم به القاضي الحسين، وهو المشهور، وفي "التهذيب" حكاية قول آخر: أنه يجب عليه القود، وعلى هذا: إذا آل الأمر إلى الدية وجبت.
وفي "الرافعي": أنا إذا قلنا بعدم إيجاب القصاص: فإن قلنا: المكره – بفتح الراء – لا شيء عليه من الدية، وجب جميع الدية على المكره، وإلا فنصفها. وفيما قاله [نظر]؛ لأنا إنما أسقطنا القصاص لانتفاء الإكراه، وإذا انتفى كان قضيته ألا يجب على فاعله شيء أصلاً، كما ذكرناه. ثم إن صح ذلك فقياس