[فقوله]: فإطعام مصدر معناه: فعليه أن يطعم ستين مسكيناً؛ لأن المصادر تقدر بـ "أن" والفعل، وللخبر السابق، والله أعلم.
قال: كل مسكين مدّاً من قوت البلد، أي: إذا كان مما تجب فيه الزكاة: أما اعتبار المد فاستدل له الأصحاب بما جاء في حديث الأعرابي الذي جامع في نهار رمضان أنه أتى بعَرَقٍ من تمر خمسة عشر صاعاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خُذْ هَذَا، وَأَطْعِمْ عَنْكَ سِتِّينَ مِسْكِيناً"، وهذا المبلغ إذا قُسم على ستين، حصل لكل منهم مد لا صاع، وكفارة الظهار ككفارة الجماع. وأجابوا عما جاء في الحديث الذي حكيناه عن رواية أبي داود عن سلمة بن صخر البياضي من كونه أمره أن يدفع إلى ستين مسكيناً وَسْقاً- وهو ستون صاعاً- بأن ذلك محمول على الجواز، وحديث الأعرابي محمول على الإجزاء؛ لأجل الجمع بينهما، كذا قاله ابن الصباغ، وفيه [نظر؛ من حيث إن الواقعة غير الواقعة، وقوله- عليه الصلاة والسلام- لسلمة:"أَطْعِمْ"، كان في معرض] بيان الواجب؛ لأنه جاء في الحديث بالسند المذكور أن سلمة قال: أنا صابر لأمر الله؛ فاحكم بما أنزل الله.
وأما اعتبار قوت البلد فقاسه الأصحاب على كفارة اليمين، وقال أبو عبيد بن حربويه: يعتبر فيه أن يكون من غالب قوته، كما قال في زكاة الفطر؛ اعتباراً بزكاة المال.
قال ابن يونس: وليس بشيء، لقوله- تعالى-: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}[المائدة: ٨٩]، والأوسط: الأعدل، وأعدل ما يطعم أهله من قوت البلد.
وفي "الرافعي" حكاية وجه نقله السرخسي: أن الأرز لا يجزئ، وأن ابن كج حكى أنه لا يجزئ إذا نُحِّيت عنه القشرة العليا، وأن الظاهر الإجزاء. ثم إن كان في القشرة العليا، فيخرج قدر ما يعلم اشتماله على [مدٍّ من] الحب.
ولم يجر في الفطرة ذكر هذا الخلاف في الأرز، وجرى بذكر قولين في العدس