أن يخرج بألا ينوي صوم الغد، أما إذا خاض في صوم يوم، فيبعد أن يتسلط على إبطاله.
أما ترك الصوم في بقية لاشهرين، فليس فيه تعرُّض لإفساد العبادة، ويتجه أن يقال: ليس له؛ فإن بإقدامه يخرج عن الفريضة، ويقوى هذا على قولنا ببطلان الصوم تبيُّناً.
والأظهر من الاحتمالين عند الغزالي: جواز الترك واستئناف الشهرين.
وقال الروياني: الذي يقتضيه قياس المذهب: أنه لا يجوز؛ لأن صوم الشهرين عبادة واحدة كصوم يوم واحد فيكون قطعه كقطع فريضة شرع فيها، وإنه غير جائز.
قال الرافعي: وهذا أحسن.
قلت: وما اختاره الغزالي ها هنا موافق لما اختاره في التيمم؛ حيث قال: إن الوقت إذا كان متسعاً في الشروع ليس بملزم إذا لم يكن ثم خلل.
ولذلك نص الشافعي على أن المنفرد إذا أدرك جماعة يقطع الصلاة فكيف يقطع الفرض لأجل الفضيلة لولا جوازه؟! وما ذكره الروياني قد نص عليه الشافعي في "الأم" في كتاب فرض الصوم حيث قال: إذا شرع في صوم رمضان أو قضاء رمضان أو نذر أو كفارة أو صلاة مفروضة أو منذورة، لا يجوز له الخروج منها بوجه إلا لعذر، فإن خرج أثم لذلك، وأفسده، وصححه الشيخ أبو حامد الإسفراييني في "تعليقه"، وهو المفهوم من قول الشيخ في باب صوم التطوع: ومن دخل في صوم تطوع.
قال:[ومن لم] يستطع الصوم؛ لكبر أو مرض لا يرجى برؤه- كفَّر بالإطعام؛ للآية ولم يعتبر الإمام والغزالي في المرض ألا يرجى زواله؛ بل قالا: لو كان يدوم شهرين في الغالب على الظن المستفاد من اطراد العادة في مثله، أو من مراجعة الأطباء، كان له أن يعدل إلى الإطعام، ولا ينتظر زواله ليصوم، بخلاف ما إذا كان له مال غائب؛ حيث قلنا: لا يجوز له الصيام على رأيٍ، بل ينتظر.