للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: ويعتبر حاله عند الأداء في الثاني؛ لأنها عبادة لها بدل من غير جنسها فاعتبر فيها حالة الأداء كالوضوء والتيمم والقيام والقعود في الصلاة، وهذا نصه ها هنا، واختاره المزني، وهو الأصح في "التهذيب" والرافعي وغيرهما، وقال القاضي: هذان القولان مأخوذان من أن المغلَّب في الكفارة شوائبُ العقوبات أو شوائب العبادات؟ إن قلنا بالأول اعتبرنا حال الوجوب، وإن قلنا بالثاني فحال الأداء.

قال الإمام: وهذا فيه نظر مع إيجابنا الكفارة على من لا نُؤَثِّمه، وقطعنا بانقطاع العقوبة عمن هو في مثل حاله.

قال: ويعتبر أغلظ الحالين [عليه] في الثالث؛ لأنه حق في الذمة بوجود المال، فيراعى أغلظ الأحوال كالحج؛ فإنه يجب متى تحقق اليسار.

والقائلون بالقول الثاني فرقوا بين ما نحن فيه وبين الحد؛ فإنه لا تجوز الزيادة عليه، وفي مسألتنا لو أخرج العتق مع وجوب الصيام أجزأه، فجاز أن يزيد بتغيُّر الحال.

وأجابوا عن الحج بأنه يعتبر فيه حالة الأداء؛ ولهذا لو وجب عليه وهو صحيح، ثم زمن جازت له الاستنابة فيه.

واعلم أن ذكر الشيخ القول الثالث فيما إذا كان موسراً في إحدى الحالين معسراً في الأخرى، مع تصديره الكلام بما إذا اختلف حاله فيما بين أن يجب إلى حال الأداء- مشعر بأنه إذا تخلل اليسار بين الحالين لا عبرة به، وهو يوافق ما صرح به الإمام [وأشار إلى اتفاق الاصحاب عليه، والذي دلَّ عليه كلامه] في "المهذب"، وهو الذي ذهب إليه الأكثرون- منهم القاضي أبو الطيب والمحاملي والبندنيجي وصاحب "التهذيب"-: أنه يعتبر أغلظ حالَيْهِ من وقت الوجوب إلى الأداء، حتى لو كان معسراً من وقت الوجوب إلى الأداء وأيسر في وقتٍ ما، كان

<<  <  ج: ص:  >  >>