للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: ويصح الظهار معجلاً؛ [للآية]، ومعلقاً على شرط، أي: مثل أن يقول: إن دخلت الدار، أو: إذا جاء رأس الشهر، أو: إن طلعت الشمس، فأنت علي كظهر أمي، فإذا وجد صار مظاهراً [منها]؛ لأن أصله كان طلاقاً في الجاهلية، والطلاق يصح تعليقه على الشروط، ولأن الظهار دائر بين شَبَهِهِ باليمين وبالطلاق، فهو يشبه الطلاق من حيث إنه لفظ يتعلق به التحريم، واليمين من حيث إنه يتعلق به الكفارة، وكل واحد منهما قابل للتعليق؛ فكذلك الظهار.

ومن هذا الشبه أخذ الخلاف المتقدم في أن الظهار المغلَّب فيه شائبةُ الطلاق أو شائبة اليمين؟ وبنى الأصحاب عليه ما إذا ظاهر من إحدى زوجتيه، ثم قال للأخرى: أشركتك معها، ونوى الظهار: فإن غلبنا شائبة اليمين لم يصح، وإن غلبنا شائبة الطلاق كان مظاهراً [منها]، وهذا ما يوجد في طريقة العراق، واستدل الرافعي على صحة تعليق الظهار بما روى أن سلمة بن صخر جعل امرأته على نفسه كظهر أمه إن غشيها حتى ينصرف رمضان، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أَعْتِقْ رَقَبَةً".

والذي رواه أبو داود بسنده وخرجه الترمذي- أيضاً-: أن سلمة بن صخر ظاهر من امرأته حتى ينسلخ رمضان. وهو ظهار مؤقت لا معلق؛ فكان يحسن الاستدلال به على صحة تأقيت الظهار كما سنذكره، ولعل ما ذكره الرافعي رواية أخرى؛ فيحسن بها الاستدلال ها هنا.

قال: وإن قال: إذا تظاهرت من فلانة، فأنت عليَّ كظهر أمي، وفلانة أجنبية، فتزوجها، ثم ظاهر منها- صار مظاهراً من الزوجة؛ لتحقُّق الشرط، وإن ظاهر منها قبل أن يتزوجها، لم يَصِرْ مظاهراً من الزوجة؛ لعدم صحة الظهار، اللهم إلا أن يريد بقوله: إن تظاهرت، عين هذا القولِ لا معناه؛ فحينئذ يصير مظاهراً من الزوجة لوجود الشرط.

قال: وإن قال: إذا تظاهرتُ من فلانة الأجنبية، فأنت علي كظهر أمي، ثم تزوجها، ثم ظاهر منها- فقد قيل: يصير مظاهراً من الزوجة؛ لأن ظهارها تعلق

<<  <  ج: ص:  >  >>